لمّا أجابني الصّدى عنهم ولم |
|
يلج المسامع للحبيب كلام |
طارحت ورق حمامها مترنّما |
|
بمقال صبّ والدموع سجام |
(يا دار ما فعلت بك الأيام |
|
ضامتك والأيام ليس تضام) |
وجرى بين السهيلي والرصافي الشاعر المشهور ما اقتضى قول الرصافي : [المتقارب]
عفا الله عنّي فإنّي امرؤ |
|
أتيت السلامة من بابها |
على أنّ عندي لمن هاجني |
|
كنائن غصّت بنشّابها (١) |
ولو كنت أرمي بها مسلما |
|
لكان السهيليّ أولى بها |
وتوفي السهيلي بمراكش سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة ، وزرت قبره بها مرارا سنة عشر وألف ، وسكن رحمه الله تعالى إشبيلية مدّة ، ولازم القاضي أبا بكر بن العربي وابن الطراوة ، وعنه أخذ لسان العرب ، وكان ضريرا.
ومن شعره أيضا لما قال : «كيف أمسيت» مكان «كيف أصبحت» (٢) : [الطويل]
لئن قلت صبحا كيف أمسيت مخطئا |
|
فما أنا في ذاك الخطا بملوم (٣) |
طلعت وأفقي مظلم لفراقكم |
|
فخلتك بدرا والمساء همومي |
وحكي أنّ الوزير الكاتب أبا الفضل بن حسداي الإسلامي السرقسطي ، وهو من رجال الذخيرة ، عشق جارية ذهبت بلبّه ، وغلبت على قلبه ، فجنّ بها جنونه ، وخلع عليها دينه ، وعلم بذلك صاحبها (٤) فزفّها إليه ، وجعل زمامها في يديه ، فتحامى (٥) عن موضعه من وصلها أنفة من أن يظنّ الناس أنّ إسلامه كان من أجلها ، فحسن ذكره ، وخفي على كثير من الناس أمره ، ومن شعره قوله : [الطويل]
وأطربنا غيم يمازج شمسه |
|
فيستر طورا بالسحاب ويكشف |
ترى قزحا في الجوّ يفتح قوسه |
|
مكبّا على قطن من الثّلج يندف |
وكان في مجلس المقتدر بن هود ينظر في مجلّد ، فدخل الوزير الكاتب أبو الفضل بن الدباغ
__________________
(١) الكنائن : جمع كنانة ، وهي جعبة السهام.
(٢) في ب ، ه : «كيف أمسيت» موضع «كيف أصبحت».
(٣) الخطا : الخطأ ـ مهموز ، وخفف الهمزة وهو جائز.
(٤) في ب ، ه : «وعلم بذلك صاحبه».
(٥) في ب ، ه : «فتجافى عن موضعه».