إذا الملّاح ضلّ رنا إليها |
|
فأبصر في مناحيه مسيره |
وقال الكاتب عبد الله المهيريس (١) ، وكان حلو النادرة ، لما شرب عند الوزير أبي العلاء ابن جامع وقد نظر إلى فاختة فأعجبه حسنها ولحنها : [الوافر]
ألا خذها إليك أبا العلاء |
|
حلى الأمداح ترفل في الثناء |
وهبها قينة تجلى عروسا |
|
خضيب الكفّ قانية الرّداء |
لأجعلها محلّ جليس أنسي |
|
وأغنى بالهديل عن الغناء |
وحكي أنه ناوله ليمونة وأمره بالقول فيها فقال : [الكامل]
أهدى إليّ بروضة ليمونة |
|
وأشار بالتشبيه فعل السيد |
فصمتّ حينا ثم قلت : كجلجل |
|
من فضّة تعلوه صفرة عسجد |
وقال الكاتب أبو بكر بن البناء يرثي أحد بني عبد المؤمن ، وقد عزل من بلنسية وولي إشبيلية فمات بها : [الطويل]
كأنك من جنس الكواكب كنت لم |
|
تفارق طلوعا حالها وتواريا |
تجلّيت من شرق تروق تلألؤا |
|
فلما انتحيت الغرب أصبحت هاويا |
وكان محمد بن مروان بن زهر ـ كما في المغرب والمسهب والمطرب ، وقد قدّمنا بعض أخباره ـ منشأ الدولة العبّادية وأوّل من تثنى عليه الخناصر ، وتستحسنه البواصر ، فضاقت الدولة العبادية عن مكانه ، وأخرج عن بلده ، فاستصفيت أمواله ، فلحق بشرق الأندلس ، وأقام فيه بقيّة عمره ، ونشأ ابنه الوزير أبو مروان عبد الملك بن محمد ، فما بلغ أشدّه ، حتى سدّ مسدّه ، ومال إلى التفنّن في أنواع التعليم (٢) من الطبّ وغيره ، ورحل إلى المشرق لأداء الفرض ، فملأ البلاد جلالة ، ونشأ ابنه أبو العلاء زهر بن عبد الملك ، فاخترع فضلا لم يكن في الحساب ، وشرع نبلا قصرت عنه نتائج أولى الألباب ، ونشأ بشرق الأندلس والآفاق تتهادى عجائبه ، والشام والعراق تتدارس بدائعه وغرائبه ، ومال إلى علم الأبدان فلو لا جلالة قدره ، لقلنا جاذب هاروت طرفا من سحره ، ولو لا أنّ الغلوّ آفة المديح ، لما اكتفى فيه بالكناية عن التصريح (٣) ، ولم يزل مقيما بشرق الأندلس إلى أن كان من غزاة أمير المسلمين يوسف بن تاشفين ومن
__________________
(١) انظر القدح ص ١٩٨.
(٢) انظر المغرب ج ١ ص ٢٤٩. والقدح ص ١١٩.
(٣) في ب ، ه : «ولو لا أن الغلوّ آفة المديح لتجاوزت طلق الجموح ولكنني اكتفيت بالكناية عن التصريح».