وقال ابن شهيد : [الطويل]
ولمّا فشا بالدمع ما بين وجدنا |
|
إلى كاشحينا ما القلوب كواتم (١) |
أمرنا بإمساك الدموع جفوننا |
|
ليشجى بما نطوي عذول ولائم |
أبى دمعنا يجري مخافة شامت |
|
فنظّمه بين المحاجر ناظم |
وراق الهوى منّا عيون كريمة |
|
تبسّمن حتى ما تروق المباسم (٢) |
وقال في الانتحال : [الطويل]
وبلّغت أقواما تجيش صدورهم |
|
عليّ وإني فيهم فارغ الصدر |
أصاخوا إلى قولي فأسمعت معجزا |
|
وغاصوا على سرّي فأعجزهم أمري (٣) |
فقال فريق ليس ذا الشّعر شعره |
|
وقال فريق أيمن الله ما ندري |
فمن شاء فليخبر فإني حاضر |
|
ولا شيء أجلى للشكوك من الخبر |
وينظر إلى مثل هذا قصة أبي بكر بن بقي حين استهدى من بعض إخوانه أقلاما فبعث إليه بثلاث من القصب ، وكتب معها : [البسيط]
خذها إليك أبا بكر العلا قصبا |
|
كأنما صاغها الصّوّاغ من ورقه |
يزهى بها الطّرس حسنا ما نثرت بها |
|
مسك المداد على الكافور من ورقه |
فأجابه أبو بكر : [البسيط]
أرسلت نحوي ثلاثا من قنا سلب |
|
ميّادة تطعن القرطاس في درقه (٤) |
فالخطّ ينكرها والحظّ يعرفها |
|
والرّقّ يخدمها بالرّق في عنقه |
فحسده عليه بعض من سمعه ، ونسبه إلى الانتحال ، فقال أبو بكر يخاطب صاحبه الأول:[البسيط]
وجاهل نسب الدعوى إلى كلمي |
|
لمّا رماه بمثل النّبل في حدقه |
فقلت من حنق لما تعرّض لي |
|
من ذا الذي أخرج اليربوع من نفقه (٥) |
__________________
(١) الكاشح : العدو المبغض ، المضمر للعداوة.
(٢) في ب : «وراق الهوى منا عيونا كريمة».
(٣) في ه : «فأسمعت صمهم». وفيها «فأعياهم أمري».
(٤) في ه : «من قنا شلب».
(٥) اليربوع : حيوان قاضم يشبه الفأر.