وعاقني كرمي عمّن ولهت به |
|
ويلي من الحبّ أو ويلي من الكرم |
وكان صوفيّ بشريش (١) حافظ للشعر ، فلا يعرض في مجلسه معنى إلّا وهو ينشد عليه ، فاتّفق أن عطس رجل بمجلسه ، فشمّته الحاضرون (٢) ، فدعا لهم ، فرأى الصوفي أنه إن شمّته قطع إنشاده بما لا يشاكله من النظم ، وإن لم يشمته كان تقصيرا في البرّ ، فرغب حين أصبح من الطلبة نظم هذا المعنى ، فقال الوزير الحسيب أبو عمرو بن أبي محمد : [السريع]
يا عاطسا يرحمك الله إذ |
|
أعلنت بالحمد على عطستك |
ادع لنا ربّك يغفر لنا |
|
وأخلص النّيّة في دعوتك |
وقل له يا سيّدي رغبتي |
|
حضور هذا الجمع في حضرتك |
وأنت يا ربّ الندى والنوى |
|
بارك ربّ الناس في ليلتك |
فإن يكن منكم لنا عودة |
|
فأنت محمود على عودتك |
وهذا الوزير المذكور كان يصرّف شعره في أوصاف الغزلان ، ومخاطبات الإخوان ، وكتب إلى الشريشي شارح المقامات يستدعي منه كتاب العقد : [الطويل]
أيا من غدا سلكا لجيد معارفه |
|
ومن لفظه زهر أنيق لقاطفه |
محبّك أضحى عاطل الجيد فلتجد |
|
بعقد على لبّاته وسوالفه |
ووعك في بعض الأعياد ، فعاده من أعيان الطلبة جملة ، فلمّا همّوا بالانصراف أنشدهم ارتجالا : [الكامل]
لله درّ أفاضل أمجاد |
|
شرف النّديّ بقصدهم والنادي (٣) |
لمّا أشاروا بالسلام وأزمعوا |
|
أنشدتهم وصدقت في الإنشاد |
في العيد عدتم وهو يوم عروبة |
|
يا فرحتي بثلاثة الأعياد (٤) |
قال الشريشي في شرح المقامات : ولقد زرته في مرضه الذي توفي فيه رحمه الله تعالى أنا وثلاثة فتيان من الطلبة ، فسألني عنهم وعن آبائهم ، فلمّا أرادوا الانصراف ناول أحدهم محبرة ، وقال له : اكتب ، وأملى عليه ارتجالا : [الطويل]
__________________
(١) في ب : «وكان بشريش صوفي حافظ ..».
(٢) تشميت العاطس أن تقول له : يرحمك الله ، وهو من السنة.
(٣) في ه : «لله درّ أفاضل أنجاد» وفي الشريش «لله در عصابة أمجاد».
(٤) يوم العروبة : يوم الجمعة في الجاهلية.