وقال إمام النحاة بالأندلس أبو علي عمر الشلوبين فيمن اسمه قاسم (١) : [الطويل]
وممّا شجا قلبي وفيّض مدمعي |
|
هوى قدّ قلبي إذ كلفت بقاسم (٢) |
وكنت أظنّ الميم أصلا فلم تكن |
|
وكانت كميم ألحقت بالزراقم |
والزراقم : الحيّات ، مشتقّة من الزرقة ، والميم زائدة ، يريد أن ميم قاسم كميمها ، فهو قاس ، وهو منسوب إلى حصن سلوبينية (٣) على ساحل غرناطة ، وله من الشهرة والتآليف ما يغني عن الإطناب في وصفه ، وله «التوطئة» و «شرح الجزولية» وغيرهما ، وكان مغفلا ، ومع ذلك فهو آية الله تعالى في العربية ، وكان في لسانه لكنة ، ولمّا أراد مأمون بني عبد المؤمن التوجّه إلى مرسية ، وقد ثار بها ابن هود ، وأنشده الشعراء ، وتكلّم في مجلسه الخطباء ، قام الشلوبين وقال دعاء منه : ثلّمك الله ونثرك ، يريد سلّمك الله ونصرك ؛ لأنه بلكنته يبدل (٤) السين والصاد ثاء ، فكان كما قال : عاد المأمون وقد ثلم عسكره ونثر.
ولمّا مرض الفقيه الزاهد أبو إسحاق إبراهيم الإلبيري دخل عليه الوزير أبو خالد هاشم بن رجاء ، فرأى ضيق مسكنه ، فقال : لو اتخذت غير هذا المسكن لكان أولى بك ، فقال وهو آخر شعر قاله : [مخلع البسيط]
قالوا ألا تستجيد بيتا |
|
تعجب من حسنه البيوت |
فقلت ما ذلكم صوابا |
|
عشّ كثير لمن يموت (٥) |
لو لا شتاء ولفح قيظ |
|
وخوف لصّ وحفظ قوت |
ونسوة يبتغين سترا |
|
بنيت بنيان عنكبوت |
وقال أبو بكر بن عبادة القزاز الموشّح في ابن بسّام صاحب «الذخيرة» : [الخفيف]
يا منيفا على السّماكين سام |
|
حزت خصل السباق عن بسّام |
إن تحك مدحة فأنت زهير |
|
أو تشبّب فعروة بن حزام |
أو تباكر صيد المها فابن حجر |
|
أو تبكي الديار فابن جذام (٦) |
__________________
(١) انظر القدح ص ١٥٣.
(٢) في ب ، ه : «وفضّ مدامعي».
(٣) في ب : «شلوبينة».
(٤) في ب ، ه : «يرد السين».
(٥) ما ذا لكم صوابا : أي ليس هذا صوابا.
(٦) في ب : «ابن حذام» وفي ه «ابن خذام». وقد أثبتنا ما في أ. وابن حجر : هو امرؤ القيس الشاعر.