اغتاظ عليه ، وأبعده ، ففرّ من بلده (١).
ومن المنسوب إليه في النساء : [البسيط]
خن عهدها مثل ما خانتك منتصفا |
|
وامنح هواها بنسيان وسلوان |
فالغيد كالروض في خلق وفي خلق |
|
إن مرّ جان أتى من بعده جان |
وله : [الخفيف]
حيثما كنت ظاعنا أو مقيما |
|
دم رفيعا وعش منيعا سليما (٢) |
وقال ابن دحية في «المطرب» (٣) : إنّ من المجيدين في الجدّ والهزل ، ورقيق النظم والجزل ، صاحبنا الوزير أبا بلال (٤) ، وقال لي : إنه كان وبرد شبابه قشيب (٥) ، وغصن اعتداله رطيب ، بقميص النّسك متقمّص ، وبعلم الحديث متخصّص ، فاجتاز يوما وبيده مجلّد من صحيح مسلم بقصر بعض الملوك الأكابر ، ومن بعض مناظره ناظر ، ومجلسه بخواصّ ندمائه حال ، وصوت المثاني والمثالث عال ، فقال : أطلعوا لنا هذا الفقيه ، فلعلّنا نضحك منه. فلما مثل بين يديه وحيّا ، أمر الساقي بمناولته كأس الحميّا ، فتقبّض متأففا ، وأبدى تمعرا (٦) وتقشفا ، والسلطان يستغرب ضحكا بما هجم عليه ، ويد الساقي ممدودة إليه ، واتّفق أن انشقّت من ذاتها الزجاجة ، فظهر من السلطان التطيّر من ذلك ، فأنشد الفقيه مرتجلا : [المنسرح]
ومجلس بالسرور مشتمل |
|
لم يخل فيه الزجاج من أدب |
سرى بأعطافه يرنّحه |
|
فشقّ أثوابه من الطرب (٧) |
فسرّ السلطان وسرّي عنه ، واستحسن من الفقيه ما بدا منه ، وأمر له بجائزة سنيّة ، وخلعة رائقة بهيّة (٨).
وما أحسن قول ابن البراق (٩) : [مخلع البسيط]
__________________
(١) في ب : «ففر عن بلده».
(٢) الظاعن : المرتحل.
(٣) انظر المطرب ص ٢٤١.
(٤) في ه : «أبو بلال» وهو خطأ. وفي المطرب «كصاحبنا الوزير أبي القاسم ابن البراق».
(٥) القشيب : الجديد.
(٦) التمعّر : تغير الوجه وميله إلى الاصفرار.
(٧) يرنحه : يميّله.
(٨) في ب : «وخلعة رائقة بهية».
(٩) انظر المغرب ص ١٤٩.