غلبناك عمّا رمته يا ابن غالب |
|
براح وريحان وشدو وكاعب |
فقال أبو جعفر : [الطويل]
بدا زهده مثل الخضاب فلم يزل |
|
به ناصلا حتى بدا زور كاذب |
فلمّا غربت الشمس قالوا : ما رأينا أقصر من هذا اليوم ، وما ينبغي أن يترك بغير وصف ، فقال أبو جعفر : أنا له ، ثم قال بعد فكرة ، وهو من عجائبه التي تقدم بها المتقدّمين وأعجز المتأخّرين (١) : [مجزوء الكامل]
الله يوم مسرّة |
|
أضوا وأقصر من ذباله (٢) |
لمّا نصبنا للمنى |
|
فيه بأوتار حباله |
طار النهار به كمر |
|
تاع فأجفلت الغزاله (٣) |
فكأننا من بعده |
|
بعنا الهداية بالضلاله |
والنهار : ذكر الحبارى ، وإليه أشار بقوله «طار النهار» والغزالة : الشمس ، ولا يخفى حسن التوريتين ، فسلّم له الجميع ، تسليم السامع المطيع.
وعلى ذكر الغزالة في هذا الموضع فلأبي جعفر أيضا فيها ، وهو من بدائعه ، قوله : [الطويل]
بدا ذنب السّرحان ينبئ أنه |
|
تقدّم سبت والغزالة خلفه |
ولم تر عيني مثله من متابع |
|
لمن لا يزال الدهر يطلب حتفه (٤) |
وقوله : [الخفيف]
اسقني مثل ما أنار لعيني |
|
شفق ألبس الصباح جماله |
قبل أن تبصر الغزالة تستد |
|
رج منه على السماء غلاله |
وتأمّل لعسجد سال نهرا |
|
كرعت فيه ، أو تقضّى ، غزاله |
__________________
(١) انظر المغرب ج ٢ ص ١٦٧.
(٢) أضوا : أصله أضوأ ، اسم تفضيل من الضوء ، فقلب الهمزة ألفا لانفتاح ما قبلها والذّبالة ـ بضم الذال المعجمة ـ فتيلة الشمعة وغيرها.
(٣) أجفلت الغزالة : مضت مسرعة من نضورها.
(٤) الحتف : الموت.