وقوله في لابس أحمر : [المنسرح]
أقبل في حلّة مورّدة |
|
كالبدر في حلّة من الشّفق |
تحسبه كلّما أراق دمي |
|
يمسح في ثوبه ظبا الحدق (١) |
ورحل إلى القاهرة والإسكندرية فلم يلتفت إليه ، ولا عوّل عليه ، وكان شديد الانحراف ، فانقلب على عقبه يعضّ يديه ، على ما جرى عليه ، فمات عند إيابه إلى الإسكندرية كمدا ، ولم يعرف له بالديار المصرية مقدار.
وحضر يوما بين يدي المعتضد الباجي ملك إشبيلية وقد نثرت أمامه جملة من دنانير سكّت (٢) باسمه ، فأنشد : [السريع]
قد فخر الدينار والدّرهم |
|
لمّا علا ذين لكم ميسم (٣) |
كلاهما يفصح عن مجدكم |
|
وكل جزء منه فرد فم |
ومرّ فيها إلى أن قال في وصف الدنانير : [السريع]
كأنها الأنجم والبعد قد |
|
حقق عندي أنها الأرجم |
فأشار السلطان إلى وزيره ، فأعطاه منها جملة ، وقال له : بدّل هذا البيت لئلا يبقى ذما.
وكان يلقّب بالحمار ، ولذا قال فيه ابن عتبة الطبيب : [السريع]
يا عير حمص عيّرتك الحمير |
|
بأكلك البرّ مكان الشعير (٤) |
وهو أبو بكر محمد بن الفقيه أبي العباس أحمد بن الصابوني شاعر إشبيلية الشهير الذكر ، والذي أظهره مأمون بني عبد المؤمن ، وله فيه قصائد عدّة ، منها قوله في مطلع : [الكامل]
استول سبّاقا على غاياتها |
|
نجح الأمور يبين في بدآتها (٥) |
وله الموشحات المشهورة ، رحمه الله تعالى!
__________________
(١) الظبا : جمع ظبة ، وهي حد السيف.
(٢) في ه : «دنانير سكته باسمه».
(٣) ذين : إشارة للدرهم والدينار ، والميسم ـ بكسر الميم ـ العلامة.
(٤) العير : الحمار. و «حمص» مصروفة في ب.
(٥) سباقا : مبالغة اسم فاعل من سبق.