وكتب أيوب بن سليمان المرواني (١) إلى بسام بن شمعون اليهودي الوشقي في يوم مطير : لمّا كنت ـ وصل الله تعالى إخاءك وحفظك! ـ مطمح نفسي ، ومنتزع اختياري (٢) من أبناء جنسي ، على جوانبك أميل (٣) ، وأرتع في رياض خلقك الجميل ، هزّتني خواطر الطرب والارتياح ، في هذا اليوم المطير ، الداعي بكاؤه إلى ابتسام الأقداح ، واستنطاق البمّ والزير (٤) ، فلم أر معينا على ذلك ، ومبلغا إلى ما هنالك ، إلّا حسن نظرك ، وتجشّمك من المكارم ما جرت به عادتك ، وهذا يوم حرم الطرف فيه الحركة ، وجعل في تركها الخير والبركة ، فهل توصل مكرمتك أخاك إلى التخلّي معك في زاوية؟. متّكئا على دنّ (٥) مستندا إلى خابية ، ونحن خلال ذلك نتجاذب أهداب الحديث التي لم يبق من اللذات إلّا هي (٦) ، ونجيل الألحاظ فيما تعوّدت عندك من المحاسن والأسماع في أصناف الملاهي ، وأنت على ذلك قدير ، وكرمك بتكلّفه جدير : [السريع]
ولا يعين المرء يوما على |
|
راحته إلّا كريم الطباع |
وها أنا والسمع مني إلى ال |
|
باب وذو الشوق حليف استماع |
فإن أتى داع بنيل المنى |
|
ودّع أشجاني ونعم الوداع |
وهذا المرواني من ذرّيّة عبد العزيز أخي عبد الملك بن مروان ، وهو من أهل المائة السادسة.
وكانت الأندلس شاعرة من اليهود يقال لها قسمونة بنت إسماعيل اليهودي ، وكان أبوها شاعرا ، واعتنى بتأديبها ، وربما صنع من الموشحة قسما فأتمتها هي بقسم آخر ، وقال لها أبوها يوما : أجيزي : [الكامل]
لي صاحب ذو بهجة قد قابلت |
|
نعمى بظلم واستحلّت جرمها (٧) |
__________________
(١) انظر المغرب ج ١ ص ٦٠.
(٢) في ب ، ه : «ومنزع اختياري».
(٣) أخذ هذه الفقرة من قول الشاعر :
نميل على جوانبه كأنا |
|
إذا ملنا نميل على أبينا |
(٤) البم والزير : من أسماء أوتار العود.
(٥) الدن : الوعاء الكبير للخمر وغيره.
(٦) في ب ، ه : «إلّا هو».
(٧) في أ : «منعا بظهر واستحلت جرمها». وقد أثبتنا ما في ب ، وهو أحسن.