يا من له حسن يفوق به الورى |
|
صل هائما قد ظلّ فيك محيّرا |
وامنن عليّ بقبلة أو غيرها |
|
إن كنت تطمع في الهوى أن تؤجرا (١) |
وكتبت بعدها (٢) من الكلام ما رأيته ، فلمّا حصلت الورقة عنده كتب إليّ في غيرها : أنا من بيت عادة أهله أن يكونوا اسم فاعل لا اسم مفعول ، وإنما أردت أن يحصل عندي خطك شاهدا على ما قابلتني به لئلّا أشكوك إلى أبي فيقول لي : حاش لله أن يقع الفقيه في هذا ، وإنما أنت خبيث ، رأيته يطالبك بالتزام الحفظ فاختلقت عليك لأخرجك من عنده ، فأبقى معذّبا معك ومعه ، وإن أنا أوقفته على خطّك صدّقني واسترحت ، ولكن لا أفعل هذا إن كففت عني (٣) ، وإن انتهيت فلا أخبر به أحدا ، قال ابن عبد الوارث : فلمّا وقفت على خطّه علمت قدر ما وقعت فيه ، وجعلت أرغب إليه في أن يردّ الرقعة إليّ ، فأبى وقال : هي عندي رهن على وفائك بأن لا ترجع تتكلّم في ذلك الشأن ، قال : فكان والله يبطل القراءة فلا أجسر (٤) أكلّمه : لأني رأيت صيانتي وناموسي قد حصل في يده ، وتبت من ذلك الحين عن هذا وأمثاله.
وقال جابر بن خلف الفحصي ـ وكان في خدمة عبد الملك بن سعيد ، وقرأ مع أبي جعفر بن سعيد وتهذّب معه ـ يخاطبه حين عاثت الذئاب في غنمه : [المتقارب]
أيا قائدا قد سما في العلا |
|
وساد علينا بذات وجد |
غدا الذئب في غنمي عائثا |
|
وقد جئت مستعديا بالأسد (٥) |
وكثر عليه الدين ، فكتب إليه أيضا : [مجزوء الوافر]
أفي أيامك الغرّ |
|
أموت كذا من الضّرّ |
وأخبط في دجى همّي |
|
ووجهك طلعة الفجر |
فضحك وأدّى دينه.
ولمّا خلع أهل المرية طاعة عبد المؤمن ، وقتلوا نائبه ابن مخلوف ، قدّموا عليهم أبا
__________________
(١) في ب ، ه : «وامنن عليه بقبلة».
(٢) في ج : «وكتب بعدها».
(٣) في ب ، ه : «إلا إذا لم تنته عني».
(٤) في ب ، ه : «ولا أجسر» ، أي لا أقوى.
(٥) عاث الذئب في الغنم : أفسد فيها بالافتراس والتقتيل. ومستعديا بالأسد : مستنجدا به ليكون حليفي على العدو.