يحيى بن الرميمي (١) ، ثم كان عليه من النصارى ما علم ، ففرّ إلى مدينة فاس ، وبقي بها ضائعا خاملا ، يسكن في غرفة ، ويعيش من النسخ ، فقال : [السريع]
أمسيت بعد الملك في غرفة |
|
ضيّقة الساحة والمدخل (٢) |
تستوحش الأرزاق من وجهها |
|
فما تزال الدّهر في معزل |
النسخ بالقوت لديها ولا |
|
تقرعها كفّ أخ مفضل |
وأنشدها لبعض الأدباء ، فبينما هو ليلة ينسخ بضوء السراج وإذا بالباب (٣) يقرع ، ففتحه ، فإذا شخص متنكّر لا يعرفه ، وقد مدّ يده إليه بصرّة فيها جملة دنانير ، وقال : خذها من كف أخ لا يعرفك ولا تعرفه ، وأنت المفضل بقبولها ، فأخذها ، وحسن بها حاله.
وقال له بعض : هذا شعرك أيام خلعك ، فهل قلت أيام أمرك؟ قال : نعم ، لمّا قتل أهل المرية ابن مخلوف عامل عبد المؤمن وأكرهوني أن أتولّى أمرهم قلت : [الوافر]
أرى فتنا تكشّف عن لظاها |
|
رماد بالنّفاق له انصداع (٤) |
وآل بها النظام إلى انتثار |
|
وساد بها الأسافل والرعاع (٥) |
سأحمل كل ما جشّمت منها |
|
بصدر فيه للهول اتّساع |
وأصل بني الرميمي من بني أمية ملوك الأندلس ، ونسبوا إلى رميمة قرية من أعمال قرطبة.
وقال أبو بحر يوسف بن عبد الصمد (٦) : [الكامل]
فوصلت أقطارا لغير أحبّة |
|
ومدحت أقواما بغير صلات |
أموال أشعاري نمت فتكاثرت |
|
فجعلت مدحي للبخيل زكاتي |
وهذا من غريب المعاني.
__________________
(١) انظر ترجمته في المغرب ج ٢ ص ١٩٢.
(٢) في ج : «ضيقة الساحل والمدخل» وفي نسخة أخرى «ضيقة الساحات والمدخل».
(٣) في ب : «إذا بالباب». بإسقاط الواو.
(٤) انصداع : من الفعل انصدع ، أي انشقّ.
(٥) الرعاع : العوام من الناس.
(٦) انظر ترجمته في الذخيرة ج ٣ ص ٢٥١ والمغرب ج ٢ ص ٢٠٣.