وفي بني عبد الصمد يقول بعض أهل عصرهم ، لمّا رأى من كثرة عددهم ، والتئامهم (١) بالسلطان : [الرمل]
ملأت قلبي هموما مثل ما |
|
ملأ الدنيا بنو عبد الصّمد |
كاثر الشيخ أبوهم آدما |
|
فغدا أكثر نسلا وولد |
كلّهم ذئب إذا آمنته |
|
والرعايا بينهم مثل النّقد (٢) |
وكان الوزير الكاتب أبو جعفر أحمد بن عباس وزير زهير الصقلي (٣) ملك ألمرية بذّ الناس في وقته بأربعة أشياء : المال ، والبخل ، والعجب ، والكتابة ؛ قال أبو حيان : وكان قبل محنته صيّر هجّيراه (٤) أوقات لعب الشطرنج أو ما يسنح له هذا البيت : [المتقارب]
عيون الحوادث عنّي نيام |
|
وهضمي على الدهر شيء حرام |
وذاع هذا البيت في الناس حتى قلب له مصراعه الأخير بعض الأدباء فقال :
سيوقظها قدر لا ينام
وكان حسن الكتابة ، جميل الخطّ ، مليح الخطاب ، غزير الأدب ، قوي المعرفة ، مشاركا في الفقه ، حاضر الجواب ، جمّاعا للدفاتر ، حتى بلغت أربعمائة ألف مجلّد ، وأمّا الدفاتر المخرومة فلم يوقف على عددها لكثرتها ، وبلغ ماله خمسمائة ألف مثقال جعفرية سوى غير ذلك ، وكان مقتله بيد باديس بن حبّوس (٥) ملك غرناطة ، وكفى دليلا على إعجابه قوله : [الخفيف]
لي نفس لا ترتضي الدّهر عمرا |
|
وجميع الأنام طرا عبيدا |
لو ترقّت فوق السّماك محلّا |
|
لم تزل تبتغي هناك صعودا |
أنا من تعلمون شيّدت مجدي |
|
في مكاني ما بين قومي وليدا |
وكان يتهّم بداء أبي جهل (٦) فيما ينقل ، حتى كتب بعض الأدباء على برجه بالمرية : [السريع]
__________________
(١) في ب ، ه : «والتباسهم بالسلطان».
(٢) النقد ـ بفتح النون والقاف ـ نوع من الغنم قبيح الشكل صغير الأرجل.
(٣) في ب ، ه : «الصقلبي».
(٤) هجيراه : دأبه وعادته وديدنه.
(٥) انظر تفصيل خبر مقتله في الذخيرة ١ / ٢ : ١٦٦.
(٦) داء أبي جهل : الابنة.