في البحيرة وانكفا ، ولم يعلم به إلّا بعدما طفا ، فأخرج وقد قضى ، وأدرج منه في الكفن حسام المجد منتضى ، فمن محاسنه قوله يصف السوسن ، وهو ممّا أبدع فيه وأحسن : [البسيط]
وسوسن راق مرآه ومخبره |
|
وجلّ في أعين النظار منظره |
كأنه أكؤس البلّور قد صنعت |
|
مسندسات تعالى الله مظهره |
وبينها ألسن قد طوّقت ذهبا |
|
من بينها قائم بالملك يؤثره |
إلى أن قال : واجتمع بجنّة خارج إشبيلية مع أخدان (١) له علية ، فبينما هم يديرون الراح ، ويشربون من كأسها الأفراح ، والجوّ صاح ، إذ بالأفق قد غيّم ، وأرسل الدّيم ، بعدما كسا الجوّ بمطارف الرذاذ (٢) ، وأشعر الغصون زهر قباذ ، والشمس منتقبة بالسحاب ، والرعد يبكيها بالانتحاب ، فقال : [مجزوء الكامل]
يوم كأنّ سحابه |
|
لبست عمامات الصوامت |
حجبت به شمس الضّحى |
|
بمثال أجنحة الفواخت (٣) |
والغيث يبكي فقدها |
|
والبرق يضحك مثل شامت |
والرعد يخطب مفصحا |
|
والجوّ كالمحزون ساكت |
وخرج إلى تلك الخميلة والربيع قد نشر رداءه ، ونثر على معاطف الغصون أنداءه (٤) ، فأقام بها وقال : [الكامل]
وخميلة رقم الزمان أديمها |
|
بمفضّض ومقسّم ومشوب |
رشفت قبيل الصبح ريق غمامة |
|
رشف المحبّ مراشف المحبوب |
وطردت في أكنافها ملك الصّبا |
|
وقعدت واستوزرت كلّ أديب |
وأدرت فيها اللهو حقّ مداره |
|
مع كلّ وضّاح الجبين حسيب (٥) |
وقال الوزير الكاتب أبو حفص أحمد بن برد : [الكامل]
قلبي وقلبك لا محالة واحد |
|
شهدت بذلك بيننا الألحاظ |
__________________
(١) في ب ، ه : «مع إخوان له». والأخدان : جمع خدن ، وهو الصديق.
(٢) في ب : «بمطارف اللاذ» وفي ه : «بمطارف لاذ».
(٣) الفواخت : جمع فاختة ، وفي نوع من الحمام البري من ذوات الأطواق.
(٤) في ب ، ه : «قد نشر رداه ونثر على الغصون نداه».
(٥) في ج : «والمطمح «مهوب».