وقال في المطمح فيه : إمام من أئمه الكتابة ومفجّر ينبوعها ، والظاهر على مصنوعها بمطبوعها ، إذا كتب نثر الدّرّ في المهارق (١) ، ونمّت فيه أنفاسه كالمسك في المفارق ، وانطوى ذكره على انتشار إحسانه ، مع امتداد لسانه (٢) ، فلم تطل لدوحته فروع ، ولا اتّصل لها من نهر الإحسان كروع ، فاندفنت محاسنه من الإهمال في قبر ، وانكسرت الآمال بعدم بدائعه كسرا بعد جبر ، وكان كاتب علي بن حمود العلوي وذكر أنه كان يرتجل بين يديه ولا يروّي ، فيأتي على البديه ، بما يتقبّله المروّي (٣) ويبديه ، فمن ذلك ما كتب به متفننا من ضمن رسالة (٤) : روض القلم (٥) في فنائك مونق ، وغصن الأدب بمائك مورق ، وقد قذف بحر الهند درره ، وبعث روض نجد زهره ، فأهدى ذلك على يدي فلان الجاري في جهده ، على مباني قصده (٦).
وقال الوزير حسان بن مالك بن أبي عبدة في المهرجان : [المتقارب]
أرى المهرجان قد استبشرا |
|
غداة بكى المزن واستعبرا |
وسربلت الأرض أمواجها |
|
وجللت السندس الأخضرا (٧) |
وهزّ الرياح صنابيرها |
|
فضوّعت المسك والعنبرا |
تهادى به الناس ألطافه |
|
وسامى المقلّ به المكثرا |
وقال في حقّه في المطمح : من بيت جلالة ، وعترة أصالة (٨) ، كانوا مع عبد الرحمن الداخل ، وتوغّلوا معه في متشعبات تلك المداخل ، وسعوا في الخلافة حتى حضر مبايعها وكثر مشايعها ، وجدّوا في الهدنة وانعقادها ، وأخمدوا نار الفتنة عند اتّقادها ، فانبرمت عراها (٩) ، وارتبطت أولاها وأخراها ، فظهرت البيعة واتّضحت ، وأعلنت الطاعة وأفصحت ، وصاروا تاج مفرقها ، ومنهاج طرقها ، وهو ممّن بلغ الوزارة [من](١٠) بعد ذلك وأدركها ، وحلّ مطلعها
__________________
(١) المهارق : جمع مهرق : وهو الصحيفة البيضاء ، أو ثوب حرير أبيض يسقى الصمغ ويصقل ثم يكتب فيه.
(٢) في ب ، ه : «وقصر أمره على امتداد لسانه».
(٣) كذا في أ، ب. وفي ج : «بما يفعله المروي».
(٤) في ب ، ه : «ما كتب به معتنيا من بعض رسالة».
(٥) في ه : «روض العلم».
(٦) في ه : «الجاري في حمده ، على مثاني قصده» وفي ب : «الجاري في حمده ، على مباني قصده».
(٧) في ه : «وسربلت الأرض أفواهها».
(٨) في ج : «وفخر أصالة» والعترة : نسل الرجل.
(٩) انبرمت عراها : انعقدت.
(١٠) ما بين حاصرتين ساقط من ب ، ه.