تمرّ لياليك مرا حثيثا |
|
وأنت على ما أرى مستمر |
فلو كنت تعقل ما ينقضي |
|
من العمر لاعتضت خيرا بشر |
فما لك لا تستعدّ إذن |
|
لدار المقام ودار المقر |
أترغب عن فجأة للمنون |
|
وتعلم أن ليس منها مفرّ |
فإمّا إلى جنّة أزلفت |
|
وإمّا إلى سقر تستعر |
وقال ابن أبي زمنين (١) : [البسيط]
الموت في كلّ حين ينشر الكفنا |
|
ونحن في غفلة عمّا يراد بنا |
لا تطمئنّ إلى الدنيا وبهجتها |
|
وإن توشّحت من أثوابها الحسنا |
أين الأحبة والجيران؟ ما فعلوا؟ |
|
أين الذين هم كانوا لنا سكنا |
سقاهم الموت كأسا غير صافية |
|
فصيّرتهم لأطباق الثرى رهنا |
تبكي المنازل منهم كلّ منسجم |
|
بالمكرمات وترثي البرّ والمننا |
حسب الحمام لو ابقاهم وأمهلهم |
|
أن لا يظنّ على معلوّة حسنا (٢) |
وقال في المطمح : الفقيه أبو عبد الله محمد بن أبي زمنين فقيه متبتّل ، وزاهد لا منحرف إلى الدنيا ولا منفتل ، هجرها هجر المنحرف ، وحلّ أوطانه فيها محلّ المعترف ، لعلمه بارتحاله عنها وتفويضه (٣) ، وإبداله منها وتعويضه ، فنظر بقلبه لا بعينه ، وانتظر يوم فراقه وبينه ، ولم يكن له بعد ذلك بها اشتغال ، ولا في شعاب تلك المسالك إيغال ، وله تآليف (٤) في الوعظ والزهد وأخبار الصالحين تدلّ على تخليته عن الدنيا واتّراكه ، والتفلّت من حبائل الاغترار وأشراكه ، والتنقّل من حال إلى حال ، والتأهّب للارتحال ، ويستدلّ به على ذلك الانتحال ، فمنها قوله : [البسيط]
الموت في كلّ حين ينشر الكفنا
فذكر الأبيات ، انتهى.
وقال خلف بن هارون يمدح الحافظ أبا محمد بن حزم (٥) : [المتقارب]
__________________
(١) انظر المطمح ص ٤٩ ـ ٥٠.
(٢) في ج : «ألا يظن على معلومة حسنا».
(٣) في ب ، ه : «وتقويضه».
(٤) في ب : «وله تواليف».
(٥) انظر المطمح ص ٥٥ ـ ٥٦.