الأفطس ملك بطليوس ولم تشغله الحروب ولا المملكة عن همّة الأدب؟ وهل لكم من الوزراء مثل ابن عمار في قصيدته التي سارت أشرد من مثل ، وأحبّ إلى الأسماع من لقاء حبيب وصل؟ التي منها : [الكامل]
أثمرت رمحك من رؤوس ملوكهم |
|
لمّا رأيت الغصن يعشق مثمرا |
وصبغت درعك من دماء كماتهم |
|
لمّا رأيت الحسن يلبس أحمرا |
ومثل ابن زيدون في قصيدته التي لم يقل مع طولها في التشبيب (١) أرقّ منها ، وهي التي يقول فيها : [البسيط]
كأنّنا لم نبت والوصل ثالثنا |
|
والسعد قد غضّ من أجفان واشينا |
سرّان في خاطر الظّلماء يكتمنا |
|
حتى يكاد لسان الصبح يفشينا |
وهل لكم من الشعراء مثل ابن وهبون في بديهته بين يدي المعتمد بن عباد وإصابته الغرض حين استحسن المعتمد قول المتنبي : [الطويل]
إذا ظفرت منك المطيّ بنظرة |
|
أثاب بها معيي المطيّ ورازمه (٢) |
فارتجل : [الطويل]
لئن جاد شعر ابن الحسين فإنما |
|
تجيد العطايا ، واللها تفتح اللها (٣) |
تنبّأ عجبا بالقريض ولو درى |
|
بأنك تروي شعره لتألّها (٤) |
وهل لكم مثل شاعر الأندلس ابن درّاج (٥) الذي قال فيه الثعالبي «هو بالصقع الأندلسي كالمتنبي بصقع الشام الذي إن مدح الملوك قال مثل (٦) قوله : [الطويل]
ألم تعلمي أنّ الثواء هو التّوى |
|
وأنّ بيوت العاجزين قبور (٧) |
__________________
(١) في ب ، ه : «في النسيب».
(٢) رازمه : مهلكه ، من الفعل رزم : سقط من الإعياء والهزال.
(٣) ابن الحسين هو أحمد بن الحسين المتنبي. واللها ـ بضم اللام : جمع لهوة وهو أفضل العطاء. واللها ـ بفتح اللام : جمع لهاة وهي اللحمة المشرفة على الحلق في أقصى سقف الفم.
(٤) تألّه : ادعى الألوهية.
(٥) انظر ابن خلكان تحقيق محيي الدين عبد الحميد ج ١ ص ١١٦ ترجمة ابن دراج.
(٦) انظر ديوان ابن دراج ص ٢٩٨.
(٧) التوى : الضياع ، الخسارة.