أحيي الليالي سهدا |
|
في نشوة ومراح (١) |
ولست أسمع ما ذا |
|
يقول داعي الفلاح (٢) |
والعياذ بالله من هذا الكلام ، وحاكي الكفر ليس بكافر.
وعتبه أحد إخوانه على هذا القول فقال : إني قلته وأنا لا أعقل ، ولا أعلم أنه يحفظ عني ، وأنا أستغفر الله تعالى منه ، والذي يغفر الفعل أكرم من أن يعاقب على القول.
ومن جيد شعره له : [الخفيف]
يا أخي ، فرّقت صروف الليالي |
|
بيننا غير زورة الأحلام |
فغدونا بعد ائتلاف وقرب |
|
نتناجى بألسن الأقلام |
وقال أخوهما الثالث هشام بن عبد الرحمن فيمن اسمه ريحان : [الطويل]
أحبّك يا ريحان ما عشت دائما |
|
ولو لامني في حبّك الإنس والجان |
ولولاك لم أهو الظلام وسهده |
|
ولا حبّبت لي في ذرا الدار غربان |
وما أعشق الريحان إلّا لأنه |
|
شريكك في اسم فيه قلبي هيمان |
على أنه لم يكمل الظرف مجلس |
|
إذا لم يكن فيه مع الراح ريحان |
وله فيه : [الطويل]
إذا أنا مازحت الحبيب فإنما |
|
قصدت شفاء الهمّ في ذلك المزح |
فما العيش إلّا أن أراه مضاحكا |
|
كما ضحك الليل البهيم عن الصبح (٣) |
وقال أخوهم الرابع يعقوب بن عبد الرحمن (٤) : [الوافر]
إذا أنا لم أجد يوما وقومي |
|
لهم في الجود آثار عظام |
فمن يرجى لتشييد المعالي |
|
إذا قعدت عن الخير الكرام |
ومدحه بعض الشعراء ، فأمر له بمال جزيل ، فلما كان مثل ذلك الوقت جاءه بمدح آخر ، فقال أحد خدام يعقوب : هذا اللئيم له دين عندنا جاء يقتضيه؟ فقال الأمير : يا هذا ، إن كان الله تعالى خلقك مجبولا على كره ربّ الصنائع فاجر على ما جبلت عليه في نفسك ، ولا تكن
__________________
(١) السهد : القلق والسهر.
(٢) داعي الفلاح : أراد المؤذن.
(٣) الليل البهيم : الشديد السواد.
(٤) انظر الحلة ج ١ ص ١٢٤.