كمعاقل من سوسن قد شيّدت |
|
أيدي الربيع بناءها فوق القضب |
شرفاتها من فضّة وحماتها |
|
حول الأمير لهم سيوف من ذهب |
وهل من شعرائكم من تعرّض لذكر العفّة فاستنبط ما يسحر به السحر ، ويطيب به الزهر ، وهو أبو عمر بن فرج (١) في قوله : [الوافر]
وطائعة الوصال عففت عنها |
|
وما الشيطان فيها بالمطاع |
بدت في الليل سافرة فباتت |
|
دياجي الليل سافرة القناع |
وما من لحظة إلّا وفيها |
|
إلى فتن القلوب لها دواعي |
فملّكت النّهى جمحات شوقي |
|
لأجري في العفاف على طباعي (٢) |
وبتّ بها مبيت السّقب يظما |
|
فيمنعه الكعام من الرضاع (٣) |
كذاك الروض ما فيه لمثلي |
|
سوى نظر وشمّ من متاع |
ولست من السوائم مهملات |
|
فأتّخذ الرياض من المراعي |
وهل بلغ أحد من مشبّهي شعرائكم أن يقول مثل قول أبي جعفر اللمائي : [الرمل]
عارض أقبل في جنح الدّجا |
|
يتهادى كتهادي ذي الوجى (٤) |
بدّدت ريح الصّبا لؤلؤه |
|
فانبرى يوقد عنها سرجا |
ومثل قول أبي حفص بن برد : [المديد]
وكأنّ الليل حين لوى |
|
ذاهبا والصبح قد لاحا |
كلّة سوداء أحرقها |
|
عامد أسرج مصباحا (٥) |
وهل منكم من وصف ما تحدثه الخمرة من الحمرة على الوجنة بمثل قول الشريف الطليق : [الرمل]
أصبحت شمسا وفوه مغربا |
|
ويد الساقي المحييّ مشرقا |
__________________
(١) هو أبو عمر بن محمد بن فرج الجياني (انظر الجذوة : ٩٧ ـ ٩٨).
(٢) النهى : الحلم والعقل.
(٣) السقب : ولد الناقة ساعة ولادته. والكعام : حبل يشد به فم الجمل فيمنعه من الأكل.
(٤) ذو الوجى : الذي حفيت قدمه أو رقّت.
(٥) الكلة : الستارة.