وله : [الكامل]
لي في كفالات الرماح لو أنها |
|
وفّت ضمان يبلغ الآمالا (١) |
وكّلت دهري في اقتضاء ضمانها |
|
ضنّا به أن لا يحول فحالا (٢) |
وكان مولعا بالفكاهة والنادر ، محبّا للظرفاء (٣) ، وكان يلتزم خدمته المضحك المشهور بالزرافة ، ويحضر معه ، ولعبوا في مجلس سليمان لعبة أفضوا فيها إلى أن تقسّموا اثنين اثنين ، كل شخص ورفيقه ، فقال سليمان : ومن يكون رفيقي؟ فقال له المضحك : يا مولاي ، وهل يكون رفيق الغزال إلّا الزرافة؟ فضحك منه على عادته.
ودخل عليه وهو قاعد في رحبة قصره ، وقد أطلّ عذاره ، فقال له : ما تطلب الزرافة؟ فقال : ترعى الحشيش ، وأشار إلى عذاره ، فقال له : اعزب لعنك الله!
ومرّ سليمان به يوما وهو سكران ، وقد أوقف ذكره وجعل يقول له : ما ذا رأيت في القيام في هذا الزمان؟ أما رأيت كل ملك قام كيف خلع وقتل؟ والله إنك سيىء الرأي! فقال له سليمان : وبم لقبت هذا الثائر؟ فقال : يا مولاي ، بصفته القائم ، فقال : ويحتاج إلى خاتم؟ فقال : نعم ، ويكون خاتم سليمان ، فقال له : أخزاك الله! إنّ الكلام معك لفضيحة.
وقال سعيد بن محمد المرواني (٤) ، وقد هجره المنصور بن أبي عامر مدّة لكلام بلغه عنه ، فدخل والمجلس غاصّ (٥) ، وأنشد : [السريع]
مولاي مولاي ، أما آن أن |
|
تريحني بالله من هجركا |
وكيف بالهجر وأنّى به |
|
ولم أزل أسبح في بحركا (٦) |
فضحك ابن أبي عامر على ما كان يظهره من الوقار ، وقام وعانقه ، وعفا عنه ، وخلع عليه (٧).
__________________
(١) يريد : لي ضمان يبلغ الآمال في كفالات الرماح لو أنها وفت.
(٢) حال : تحول من حال إلى أخرى.
(٣) في ب ، ه : «محبا في الظرفاء».
(٤) انظر المغرب ج ١ ص ١٩٢.
(٥) والمجلس غاص : أين ممتلئ بالناس.
(٦) وأنى به : ومن أي لي به.
(٧) كان سبب ضحك ابن أبي عامر لأن سعيدا كان يلقب «البلينة» أي الحوت ، فلما قال : «ولم أزل أسبح» ، ضحك.