وإذا ما غربت في فمه |
|
تركت في الخدّ منه شفقا |
بمثل هذا الشعر فليطلق اللسان ، ويفخر كل إنسان (١).
وهل منكم من عمد إلى قول امرئ القيس : [الطويل]
سموت إليها بعد ما نام أهلها |
|
سموّ حباب الماء حالا على حال (٢) |
فاختلسه اختلاس النسيم لنفحة الأزهار ، واستلبه (٣) بلطف استلاب الشمس لرضاب طلّ الأسحار ، فلطفه تلطيفا يمتزج بالأرواح ، ويغني في الارتياح عن شرب الراح ، وهو ابن شهيد في قوله : [المتقارب]
ولمّا تملّأ من سكره |
|
ونام ونامت عيون الحرس (٤) |
دنوت إليه على رقبة |
|
دنوّ رفيق درى ما التمس |
أدبّ إليه دبيب الكرى |
|
وأسمو إليه سموّ النّفس |
أقبّل منه بياض الطّلى |
|
وأرشف منه سواد اللّعس (٥) |
فبتّ به ليلتي ناعما |
|
إلى أن تبسّم ثغر الغلس (٦) |
وقد تناول هذا المعنى ابن أبي ربيعة على عظم قدره وتقدّمه فعارض الصّهيل بالنّهاق ، وقابل العذب بالزّعاق ، فقال وليته سكت : [الطويل]
ونفّضت عنّي العين أقبلت مشية ال |
|
حباب وركني خيفة القوم أزور (٧) |
وأنا أقسم لو زار جمل محبوبة له لكان ألطف في الزيارة من هذا الأزور الركن المنفض للعيون ، لكنه إن أساء هنا فقد أحسن في قوله : [السريع]
قالت لقد أعييتنا حجّة |
|
فأت إذا ما هجع الساهر |
واسقط علينا كسقوط الندى |
|
ليلة لا ناه ولا زاجر |
__________________
(١) كذا في أ، ب ، ج. وفي ه : «ويفخر على كل إنسان».
(٢) الحباب : الفقاقيع على وجه الماء.
(٣) في أ : «وسلبه».
(٤) في ه : «في عيون العسس».
(٥) اللعس : سواد مستحسن في باطن الشفة.
(٦) الغلس : ظلمة آخر الليل.
(٧) كذا في الأصول وفي ديوان عمر «وخفض عني الصوت أقبلت مشية ... الخ».