خلوت بها والراح ثالثة لنا |
|
وجنح ظلام الليل قد مدّ واعتلج |
فتاة عدمت العيش إلّا بقربها |
|
فهل في ابتغاء العيش ويحك من حرج |
كأني وهي والكأس والخمر والدّجا |
|
حيا وثرى والدّرّ والتبر والسبج (١) |
قال : وهذه خمس تشبيهات لا يقدر أحد على أكثر منها إذ تضيق الأعاريض عنه.
قال أبو عامر بن مسلمة : ولا أذكر مثلها إلّا قول بعض (٢) : [البسيط]
فأمطرت لؤلؤا من نرجس فسقت |
|
وردا وعضّت على العنّاب بالبرد |
إلّا أنه لم يعطف خمسة على خمسة كما صنع ابن حزم ، بل اكتفى بالعلم في التشبيهات.
قال : ومن أغرب ما وقع لي من التشبيهات في بيت قول ابن برون الأكشوني الأندلسي يصف فرسا وردا أغرّ محجّلا : [الكامل]
فكأن غرّته وتحجيلاته |
|
خمس من السّوسان وسط شقائق |
قال : وهذا على التحقيق ستة على ستة ، ولم أسمع بمثله لأحد (٣).
قال ابن الجلاب : وكلام أبي عامر هذا لا يخلو من النقد.
وقال ابن صارة : [السريع]
انظر إلى البدر وإشراقه |
|
على غدير موجه يزهر (٤) |
كمشحذ من حجر أخضر |
|
خطّ عليه ذهب أحمر (٥) |
وقال أبو القاسم بن العطار الإشبيلي : [الطويل]
ركبنا سماء النّهر والجوّ مشرق |
|
وليس لنا إلّا الحباب نجوم |
وقد ألبسته الأيك برد ظلالها |
|
وللشمس في تلك البرود رقوم (٦) |
__________________
(١) السبج : خرز أسود.
(٢) ينسب هذا البيت للوأواء الدمشقي.
(٣) في ب : «لأحد من الأندلسيين ولا من المشارقة».
(٤) يزهر : يتلألأ.
(٥) في ه : «خط عليه ذهب أخضر».
(٦) الأيك : جمع أيكة ، هي الشجرة الكبيرة الملتفة. والرقوم : جمع رقم وهو تخطيط الثوب.