فتناقض المعنى بذكر البرد ، وقوله «لو جمد» إذ ليس البرد إلّا ما جمده البرد ، اللهمّ إلّا أن يريد بقوله «لو جمد» دام جموده ، فيصحّ ، وينعقد عن التحقيق (١).
ومثل هذا قول المعتمد بن عباد يصف فوّارة : [الكامل]
ولربّما سلّت لنا من مائها |
|
سيفا وكان عن النواظر مغمدا |
طبعته لجيّا فزانت صفحة |
|
منه ولو جمدت لكان مهنّدا (٢) |
وقد أخذت أنا هذا المعنى فقلت أصف روضا : [الطويل]
فلو دام ذاك النبت كان زبرجدا |
|
ولو جمدت أنهاره كنّ بلّورا (٣) |
وهذا المعنى مأخوذ من قول علي التونسي الإيادي من قصيدته الطائية المشهورة : [البسيط]
ألؤلؤ قطر هذا الجوّ أم نقط؟ |
|
ما كان أحسنه لو كان يلتقط |
وهذا المعنى كثير للقدماء ، قال ابن الرومي من قطعة في العنب الرازقي : [الرجز]
لو أنه يبقى على الدهور |
|
قرّط آذان الحسان الحور |
قال علي بن ظافر (٤) : وأخبرني من أثق به قال : ركب المعتمد على الله أبو القاسم ابن عبّاد للنزهة (٥) بظاهر إشبيلية في جماعة من ندمائه ، وخواصّ شعرائه ، فلمّا أبعد أخذ في المسابقة بالخيول ، فجاء فرسه بين البساتين سابقا ، فرأى شجرة تين قد أينعت وزهت وبرزت منها ثمرة قد بلغت وانتهت ، فسدّد إليها عصا كانت في يده فأصابها ، وثبتت على أعلاها ، فأطربه ما رأى من حسنها وثباتها ، والتفت ليخبر به من لحقه من أصحابه ، فرأى ابن جاخ (٦) الصباغ أول من لحق به فقال : أجز : [مجزوء الرجز]
كأنها فوق العصا
فقال :
هامة زنجيّ عصى
__________________
(١) في ب ، ه : «وينعقد على التحقيق».
(٢) المهند : السيف.
(٣) الزبرجد : من الأحجار الكريمة.
(٤) انظر بدائع البداءة ج ١ ص ٦٦.
(٥) في ب : «لنزهة بظاهر إشبيلية».
(٦) في أ : «ابن جامح» وهو خطأ ، والتصحيح من ب والبدائع ج ١ ص ٦٦.