وغنّى أبو الحسن زرياب (١) يوما بين يدي الأمير عبد الرّحمن بن الحكم بن هشام بن عبد الرحمن الداخل بهذين البيتين ، وهما لأبي العتاهية : [الكامل]
قالت ظلوم سميّة الظّلم |
|
مالي رأيتك ناحل الجسم |
يا من رمى قلبي فأقصده |
|
أنت الخبير بموقع السّهم (٢) |
فقال عبد الرحمن : هذان البيان منقطعان ، فلو كان بينهما ما يوصلهما (٣) لكان أبدع ، فصنع عبيد الله بن فرناس (٤) بديها : [الكامل]
فأجبتها والدمع منحدر |
|
مثل الجمان وهى من النّظم |
فاستحسنه ، وأمر له بجائزة.
وذكر ابن بسام أيضا أن المعتمد بن عباد غنّي بين يديه بقول ابن المعتز : [المتقارب]
وخمّارة من بنات المجوس |
|
ترى الزقّ في بيتها شائلا |
وزنّا لها ذهبا جامدا |
|
فكالت لنا ذهبا سائلا |
فقال بديها يجيزه : [المتقارب]
وقلت خذي جوهرا ثابتا |
|
فقالت خذوا عرضا زائلا (٥) |
وركب المعتمد في بعض الأيام قاصدا الجامع ، والوزير أبو بكر بن عمار يسايره ، فسمع أذان مؤذن ، فقال المعتمد : [الكامل]
هذا المؤذن قد بدا بأذانه
فقال ابن عمار :
يرجو بذاك العفو من رحمانه
فقال المعتمد :
طوبى له من شاهد بحقيقة
__________________
(١) انظر البدائع ج ١ ص ١٥٥.
(٢) أقصده : أصابه.
(٣) في ب : «يصلهما».
(٤) كذا في ب ، ه ، وفي ج : «بن قرناس».
(٥) في ه : «وقلنا خذي». والعرض والجوهر من اصطلاحات الفلاسفة.