وحقّ لجار لم يوافقه جاره |
|
ولا لاءمته الدار أن يتحوّلا |
بليت بحمص والمقام ببلدة |
|
طويلا لعمري مخلق يورث البلى |
إذا هان حرّ عند قوم أتاهم |
|
ولم ينأ عنهم كان أعمى وأجهلا |
ولم تضرب الأمثال إلّا لعالم |
|
وما عوتب الإنسان إلّا ليعقلا |
وقال الفقيه أبو بكر بن أبي الدوس (١) : [الطويل]
إليك أبا يحيى مددت يد المنى |
|
وقدما غدت عن جود غيرك تقبض |
وكانت كنور العين يلمع بالدجا |
|
فلمّا دعاه الصبح لبّاه ينهض |
وقال في المطمح : إنه من أبدع الناس خطّا ، وأصحهم نقلا وضبطا ، اشتهر بالإقراء ، واقتصر بذلك على الأمراء ، ولم ينحطّ لسواهم ، ومطل الناس بذلك ولواهم ، وكان كثير التحوّل ، عظيم التجوّل ، لا يستقرّ في بلد ، ولا يستظهر على حرمانه بجلد ، فقذفته النوى ، وطردته عن كل ثوى (٢) ، ثم استقرّ آخر عمره بأغماث ، وبها مات ، وكان له شعر بديع يصونه أبدا ، ولا يمدّ به يدا.
أخبرني من دخل عليه بالمريّة فرآه في غاية الإملاق ، وهو في ثياب أخلاق (٣) ، وقد توارى في منزله تواري المذنب ، وقعد عن الناس قعود مجتنب ، فلمّا علم ما هو فيه ، وترفّعه عمّن يجتديه ، عاتبه في ذلك الاعتزال ، وآخذه حتى استنزله بغيض الإنزال (٤) ، وقال له : هلا كتبت إلى المعتصم ، فما في ذلك ما يصم (٥) ، فكتب إليه : إليك أبا يحيى مددت يد المنى ـ البيتين ، انتهى.
وقال الفقيه القاضي الفاضل أبو الفضل بن الأعلم ، حين أقلع وأناب ، وودع ذلك الجناب ، وتزهد وتنسّك ، وتمسّك من طاعة الله بما تمسّك ، وتذكّر يوما يتجرّد من أمله ، وينفرد فيه بعمله: [مجزوء الكامل]
الموت يشغل ذكره |
|
عن كلّ معلوم سواه (٦) |
__________________
(١) في ج : «بن أبي الدودس» وهو خطأ انظر ترجمته في المطمح ٦٣.
(٢) الثوى : الإقامة ، وأصله الثواء.
(٣) الإملاق : الفقر. ثياب أخلاق : باليات.
(٤) في ب ، ه : «بفيض الاستنزال».
(٥) يصم : يعيب.
(٦) في ه : «عن كل مأمول سواه».