أشعارا أنشدوه إياها في ذلك ، فلم يزيدوا على شكره ، وتجزيته الخير فيما جدّد من معالم الدين وآثاره ، ولم يكن فيهم من تصدّى لوصف الحال ، حتى قام أبو بكر بن مجبر فأنشد قصيدته التي أولها : «أعلمتني ألقي عصا التسيار» واستمرّ فيها حتى ألمّ بذكر المقصورة فقال يصفها «طورا تكون ـ إلخ» فطرب المنصور لسماعها ، وارتاح لاختراعها ، انتهى.
وقد بطلت حركات هذه المقصورة الآن ، وبقيت آثارها حسبما شاهدته سنة عشر وألف ، والله تعالى وارث الأرض ومن عليها.
ومن نظم ابن مجبر أيضا ما كتب به إلى السلطان ملك المغرب ـ رحمه الله تعالى! ـ وقد ولد له ولد (١) ، أعني لابن مجبر : [الرمل]
ولد العبد الذي إنعامكم |
|
طينة أنشئ منها جسده |
وهو دون اسم لعلمي أنه |
|
لا يسمّي العبد إلّا سيّده |
وقوله : [الرمل]
ملك ترويك منه شيمة |
|
أنست الظمآن زرق النّطف |
جمعت من كلّ مجد فحكت |
|
لفظة قد جمّعت من أحرف |
يعجب السامع من وصفي لها |
|
ووراء العجز ما لم أصف |
لو أعار السّهم ما في رأيه |
|
من سداد وهدى لم يصف |
حلمه الراجح ميزان الهدى |
|
يزن الأشياء وزن المنصف |
وقال ابن خفاجة (٢) : [السريع]
صحّ الهوى منك ولكنني |
|
أعجب من بين لنا يقدر |
كأننا في فلك دائر |
|
فأنت تخفى وأنا أظهر |
وهما الغاية في معناهما ، كما قاله ابن ظافر ـ رحمه الله تعالى! ـ
وقال الأعمى التّطيلي (٣) : [البسيط]
أما اشتفت مني الأيام في وطني |
|
حتى تضايق فيما عزّ من وطري |
__________________
(١) في ب ، ه : «وقد ولد له ابن».
(٢) لم أجد هذين البيتين في ديوان ابن خفاجة المطبوع.
(٣) انظر ديوان ص ٤٩.