ومعاطفه تكسيرا ، فقلت بين يديه بديهة (١) في وصف (٢) المجلس : [الوافر]
سقى الرحمن عصرا قد مضى لي |
|
بأكناف الرّها صوب الغمام |
وليلا باتت الأنوار فيه |
|
تعاون في مدافعة الظلام |
فنور من شموع أو ندامى |
|
ونور من سقاة أو مدام |
يطوف بأنجم الكاسات فيه |
|
سقاة مثل أقمار التمام |
تريك به الكؤوس جمود ماء |
|
فتحسب راحها ذوب الضّرام (٣) |
يميل به غصونا من قدود |
|
غناء مثل أصوات الحمام |
فكم من موصليّ فيه يشدو |
|
فينسي النفس عادية الحمام (٤) |
وكم من زلزل للضرب فيه |
|
وكم للزّمر فيه من زنام (٥) |
لدى موسى بن أيوب المرجّى |
|
إذا ما ضنّ غيث بانسجام |
ومن كمظفّر الدين المليك ال |
|
أجلّ الأشرف النّدب الهمام (٦) |
فما شمس تقاس إلى نجوم |
|
تحاكي قدره بين الكرام |
فدام مخلّدا في الملك يبقى |
|
إذا ما ضنّ دهر بالدوام |
فلما أنشدتها قام فوضع فرجية من خاصّ ملابسه كانت عليه على كتفي ، ووضع شربوشه بيده على رأس مملوك صغير كان لي ، انتهى.
ولابن ظافر هذا بدائع : منها ما حكاه عن نفسه إذ قال : ومن أعجب ما دهيت به ورميت ، إلّا أنّ الله بفضله نصر ، وأعطى الظّفر ، وأعان خاطري الكليل ، حتى مضى مضاء السيف الصقيل ، أنني كنت في خدمة مولانا السلطان الملك العادل بالإسكندرية سنة إحدى وستمائة مع من ضمّته حاشية العسكر المنصور من الكتّاب والحواشي والخدام ، ودخلت سنة اثنتين وستمائة ونحن بالثغر مقيمون في الخدمة ، مرتضعون لأفاويق النعمة ، فحضرت في جملة
__________________
(١) في ب ، ه : «بديها».
(٢) في ب : «في صفة المجلس».
(٣) الضرام : الاضطرام والاتقاد.
(٤) الموصلي : هو إسحاق الموصلي وأباه إبراهيم الموصلي وهما من أهم المغنين في عصر الرشيد وأشهرهم. والحمام ، بكسر الحاء : الموت.
(٥) زمر : قلت مروءته. والزنيم : الدعي ، واللئيم المعروف بلؤمه وشرّه.
(٦) الندب : السريع إلى الفضائل.