لئن غبت عمّن نوره نور ناظري |
|
فحسبي لديه أن أغيب عقابا |
وسوف أوافيه مقرّا بزلّتي |
|
وفي حلمه أن لا يطيل حسابا |
وله في قصر النهار ، ولو لم يكن له غيره لكفاه : [مجزوء الكامل]
لله يوم مسرّة |
|
أضوا وأقصر من ذباله |
لمّا نصبنا للمنى |
|
فيه بأوتار حباله |
طار النهار به كمر |
|
تاع وأجفلت الغزاله (١) |
وهذا المعنى لم يسبق إليه ، ولم يقدر أحد أن ينزعه من يديه.
ولمّا وصل صحبة والده إلى إشبيلية افتتن بواديها ، واعتكف على الخلاعة فيها ، مصعدا ومنحدرا بين بساتينه ومنازهه ، فمرّ ليلة بطريانة فمال نحو منزه فيه طرب سمعه ، فاستوقفه هنالك ، وهو في الزورق متكئ وأصحابه وأصحاب أبيه مظهرون انحطاطهم عنه في المرتبة ، فأخرج رأسه أحد الأنذال المعتادين بالنادر من شرجب ، والشرجب : هو الدرابزين من خشب فيه طاقات ؛ وطريانة مقابلة إشبيلية ، وبها المنازه والأبنية الحسنة ـ فضرط له ذلك النذل بغاية ما قدر ، فرفع رأسه وقد أخذ منه السكر ، ولم يعتد مثل ذلك في بلده ، وقال : يا سفلة ، أتقدم عليّ بهذا قبل معرفتي؟ فثنى عليه واحدة أخرى ، ثم رفع ثوبه عن ذكره وهو منعظ ، وقال : يا وزير ، اجعل هذا عندك وديعة حتى أعرف من تكون ، ثم رفع ما على استه من ثيابه وقال : واعمل من هذا غلافا للحيتك فإذا عرفناك ذهّبناه لك ؛ فغلبه الضحك على الحرج ، وجعل أصحابه يقولون له : ما سمعت أن من دخل هذا الوادي يعول على هذا وأمثاله ، فمال عن ذلك المنزه قليلا ، وأطرق ساعة وقال : [مجزوء الرمل]
نهر حمص لا عدمنا |
|
ك فما مثلك نهر |
فيك يلتذّ ارتياح |
|
أبد الدّهر وسكر |
كلّ عمر قد خلا من |
|
ك فما ذلك عمر |
خصّه الله بمعنى |
|
فيه للألباب سرّ |
يلعن الإنسان فيه |
|
وهو يصغي ويسرّ |
ثم سأل بعد ذلك عن ربّ المنزه ، فسمّي له ، وأعلم أنّ ابن سيد الشاعر المشهور باللصّ
__________________
(١) أجفلت الغزالة : فزعت وفرّت.