وعن عبد الله بن عباس قال : أنام رسول الله صلىاللهعليهوسلم عليا على فراشه ليلة انطلق إلى الغار ، فجاء أبو بكر يطلب رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأخبره علي أنه قد انطلق فأتبعه أبو بكر وباتت قريش تنظر عليا وجعلوا يرمونه ، فلما أصبحوا إذا هم بعلي فقالوا : أين محمد؟ قال : لا علم لي به. فقالوا : قد أنكرنا تضوّرك ، كنا نرمي محمدا فلا يتضوّر ، وأنت تضوّر ، وفيه نزلت الآية (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ).
وعن أبي رافع : إنّ عليا كان يجهز النبي صلىاللهعليهوسلم حين كان بالغار ويأتيه بالطعام ، واستأجر له ثلاث رواحل : للنبي صلىاللهعليهوسلم ولأبي بكر ودليلهم ابن أريقط ، وخلّفه النبي صلىاللهعليهوسلم فخرج إليه أهله ، فخرج وأمره أن يؤدي عنه أمانته ووصايا من كان يوصي إليه ، وما كان يؤتمن عليه من مال ، فأدّى علي أمانته كلها ، وأمره أن يضطجع على فراشه ليلة خرج وقال : إن قريشا لن يفقدوني ما رأوك ، فاضطجع على فراشه وكانت قريش تنظر إلى فراش النبي صلىاللهعليهوسلم فيرون عليه رجلا يظنونه النبي صلىاللهعليهوسلم ، حتى إذا أصبحوا رأوا عليه عليا فقالوا : لو خرج محمد خرج بعلي معه ، فحبسهم الله عزوجل بذلك عن طلب النبي صلىاللهعليهوسلم حين رأوا عليا ولم يفقدوا النبي صلىاللهعليهوسلم.
وأمر النبي صلىاللهعليهوسلم عليا أن يلحقه بالمدينة ، فخرج علي في طلبه ، بعد ما أخرج إليه أهله ، يمشي الليل ويكمن النهار حتى قدم المدينة ، فلما بلغ النبي صلىاللهعليهوسلم قدومه قال : ادعوا لي عليا ، قيل : يا رسول الله لا يقدر أن يمشي. فأتاه النبي صلىاللهعليهوسلم ، فلما رآه النبي صلىاللهعليهوسلم اعتنقه وبكى رحمة لما بقدميه من الورم ، وكانتا تقطران دما فتفل النبي صلىاللهعليهوسلم في يديه ، ثم مسح بهما رجليه ، ودعا له بالعافية ، فلم يشتكهما علي حتى استشهد.