وثانيا : إن الأوصاف والألقاب التي يذكرونها بتراجم الدارقطني لتكذب أن يتخذ «كذابا ، وضاعا ، سارقا» شيخا له ، فيروي عنه الأحاديث النبوية والأحكام الشرعية!!
يقولون بترجمة الدارقطني ووصفه :
الإمام الحافظ المجود ، شيخ الإسلام ، علم الجهابذة ... من بحور العلم ومن أئمة الدنيا ، انتهى إليه الحفظ ومعرفة علل الحديث ورجاله ... صار واحد عصره في الحفظ والفهم والورع ... فريد عصره وقريع دهره ونسيج وحده وإمام وقته ، انتهى إليه علو الأثر والمعرفة بعلل الحديث وأسماء الرجال ، مع الصدق والثقة ... لم يأت بعد النسائي مثله ... أمير المؤمنين في الحديث ... (٦٩).
وثالثا : إن قول ابن الجوزي والسيوطي «هو العدوي الوضاع» اجتهاد في مقابلة نص الدارقطني على أنه غيره كما ستعرف.
ورابعا : إن ابن الجوزي ـ المتوفى سنة ٥٩٧ ه ـ غير جازم بسرقة الحديث من «إسحاق» .. وهل ترد الأحاديث المعتبرة الثابتة ب «لعل»؟! ثم يأتي السيوطي ـ المتوفى سنة ٩١١ ه ـ وكأنه جازم ، فيسقط كلمة «لعل»!
وخامسا : قد عرفت أن «إسحاق بن إبراهيم» إنما تكلم فيه الأزدي ، ومن هنا لم يطعن ابن الجوزي في الحديث عن البراء إلا اعتمادا عليه حيث قال : «قال الأزدي : كان إسحاق بن إبراهيم يضع الحديث» وقد قدمنا عن الحافظ الذهبي أن الأزدي لا يعتد بقوله ... حتى أنه قال فيه في موضع آخر بترجمة أحد الرجال : «وقال أبو الفتح الأزدي : هو ضعيف ، لم أر في شيوخنا من يحدث عنه. قلت : هذه مجازفة ، ليت الأزدي عرف ضعف نفسه!» (٧٠). وقال
__________________
(٦٩) هذه كلمات من : الحاكم ، الخطيب ، الذهبي ... أنظر : تاريخ بغداد ١٢ / ٣٤ ، سير أعلام النبلاء ١٦ / ٤٤٩ و ١٠ / ١٦٧ ، ميزان الاعتدال ٤ / ٨ عند نقل كلام عنه.
(٧٠) سير أعلام النبلاء ١٣ / ٣٨٩.