الأول : أن يعهد الخليفة إلى واحد ، كما صنع أبو بكر في عهده إلى عمر.
الثاني : أن يعهد إلى جماعة يكون الخليفة واحد منهم ، كما صنع عمر في عهده إلى ستة نفر ينتخبوا الخليفة القادم من بينهم.
الثالث : أن يعهد إلى اثنين فأكثر ويرتب الخلافة فيهم بأن يقول : الخليفة بعدي فلان ، فإذا مات فالخليفة بعده فلان. وفي هذا النظام تنتقل الخلافة بعده على الترتيب الذي رتبه ، كما عهد سليمان بن عبد الملك إلى عمر بن عبد العزيز بعده ثم إلى يزيد بن عبد الملك ، وكذلك رتبها هارون الرشيد في ثلاثة من بنيه : الأمين ، ثم المأمون ، ثم المؤتمن (١١).
الوجه الثالث : القهر والاستيلاء ، أو الغلبة بالسيف (١٢).
قال الإمام أحمد : «ومن غلبهم بالسيف حتى صار خليفة وسمي أمير المؤمنين فلا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبيت ولا يراه إماما ، برا كان أو فاجرا».
وعند وجود إمام مستقر ثم يخرج عليه آخر طلبا للملك ، فقد قال الإمام أحمد : «الإمامة لمن غلب» واحتج لذلك بأن ابن عمر صلى بأهل المدينة في زمن الحرة وقال : «نحن مع من غلب» (١٣).
والأمر مطرد ، فلو ثبتت الإمامة لواحد بالقهر والاستيلاء ، فيجئ آخر ويقهره ويستولي على الأمر ، ينعزل الأول ويصير الإمام هو الثاني (١٤).
وظاهر جدا أن هذه النظرية إنما هي نظرية تبرير ، لا نظرية تشريع.
__________________
(١١) راجع الأحكام السلطانية ـ للماوردي ـ : ٦ ـ ١٤ ، الأحكام السلطانية ـ للفراء ـ : ٢٣ ، مآثر الإنافة ١ / ٣٩ ـ ٥٨.
(١٢) الأحكام السلطانية ـ للفراء ـ : ٢٠ ، مآثر الإنافة ١ / ٥٨ ، شرح المقاصد ٥ / ٢٣٣.
(١٣) الأحكام السلطانية ـ للفراء ـ : ٢٠ و ٢٢ و ٢٣.
(١٤) مآثر الإنافة ١ / ٧١.