خان الله ورسوله وجميع المسلمين» (٧٩).
وطعنها أيضا في قوله : ما أفسد على هذه الأمة أمرها وأضاع عليها ملكها إلا جعل طاعة هؤلاء الجبارين الباغين واجبة شرعا على الإطلاق ، وجعل التغلب أمرا شرعيا كمبايعة أهل الحل والعقد للإمام الحق ، وجعل عهد كل متغلب باغ إلى ولده أو غيره من عصبته حقا شرعيا وأصلا مرعيا لذاته! (٨٠).
وهذه حقيقة تاريخية ، وليست دعوى مجازف أو متهاون.
صور ثلاثة :
صور نقف عندها يسيرا بعد هذا الشوط المضني ، لنواصل بعدها المشوار ..
الصورة الأولى : لماذا أسقط مذهب أبي حنيفة؟!
حين نقل أبو زهرة كلمات بعض الأئمة في وجوب إطاعة الخليفة الفاسق والجاهل والجائر ، قال : هذا هو المنقول عن أئمة أهل السنة ، مالك ، والشافعي ، وأحمد (٨١).
فأسقط ذكر أبي حنيفة ، وهكذا فعل سائر المتكلمين في هذه المسألة ، وكأن أبا حنيفة ليس من أئمة أهل السنة!
وعلة ذلك أن أبا حنيفة كان على خلاف هذه العقيدة ، فهو لا يرى صحة الخلافة للمتغلب الفاقد للشرائط ، بل كان يسميهم : «اللصوص»!
وكان يحرم إطاعتهم حتى في المعروف ، فكان يقول : «لو أرادوا بناء مسجد ، وأرادوني على عد آجره ، لما فعلت»!
__________________
(٧٩) تفسير المنار ٥ / ٢١٥ ـ ٢١٦ باختصار.
(٨٠) الخلافة : ٥١ ، عنه : نظرية الحكم والإدارة في الإسلام : ١٢٦
(٨١) المذاهب الإسلامية : ١٥٥ ، وقد تقدم آنفا.