أن النص المتقدم «الأئمة من قريش» بمفرده لا يحقق للإمامة الأمل المنشود منها في حراسة الدين والمجتمع.
وأول من لمس هذه الحقيقة هم الصحابة أنفسهم منذ انتهاء الخلافة الراشدة ، ثم أصبحت الحقيقة أكثر وضوحا لدى من أدرك ثاني خلفاء بني أمية ـ يزيد بن معاوية ـ ومن بعده.
ففي صحيح البخاري : لما كان النزاع دائرا بين مروان بن الحكم وهو بالشام ، وعبد الله بن الزبير وهو بمكة ، انطلق جماعة إلى الصحابي أبي برزة الأسلمي ـ رضياللهعنه ـ فقالوا له : يا أبا برزة ، ألا ترى ما وقع فيه الناس؟! فقال : إني أحتسب عند الله أني أصبحت ساخطا على أحياء قريش ، إن ذاك الذي بالشام والله إن يقاتل إلا على الدنيا ، وإن الذي بمكة والله إن يقاتل إلا على الدنيا!! (١١١).
٢ ـ وأهم من هذا أنه ثمة نصوص صحيحة توجب تضييق دائرة النص المتقدم ..
لقد حذر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من الاغترار بالنسب القرشي وحسب ، وأنذر بأن ذلك سيؤدي إلى هلاك الأمة وتشتت أمرها!
ففي صحيح البخاري عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : «هلكة أمتي على يدي غلمة من قريش» (١١٢).
__________________
(١١١) صحيح البخاري ـ الفتن ـ باب ٢٠ ح ٦٦٩٥.
(١١٢) صحيح البخاري ـ الفتن باب ٣ ح ٦٦٤٩ ، فتح الباري بشرح صحيح البخاري ١٣ / ٧ ـ ٨. ومما يثير الدهشة أن تجد هذه الأحاديث وأكثر منها في آل أبي سفيان وآل مروان ، تجدها في كتاب «البداية والنهاية» لابن كثير تحت عنوان «إخباره صلىاللهعليهوآلهوسلم لما وقع من الفتن من بني هاشم بعد موته»!! ج ٦ / ٢٥٥ ـ ط. دار التراث العربي ـ سنة ١٩٩٢ ، وج ٦ / ٢٢٧ ـ ط. مكتبة المعارف ـ سنة ١٩٨٨. علما أنه وضعها وفق ترتيبه التاريخي في أحداث العهد الأموي!!