وقال الحافظ جلال الدين السيوطي الشافعي في «تحذير الخواص» (٧) : لا أعلم شيئا من الكبائر قال أحد من أهل السنة بتكفير مرتكبه إلا الكذب على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإن الشيخ أبا محمد الجويني من أصحابنا ـ وهو والد إمام الحرمين : ـ قال : إن من تعمد الكذب عليه صلى الله عليه وآله وسلم يكفر كفرا يخرجه عن الملة ، وتبعه على ذلك طائفة منهم الإمام ناصر الدين ابن المنير من أئمة المالكية.
قال : وهذا يدل على أنه أكبر الكبائر ، لأنه لا شئ من الكبائر يقتضي الكفر عند أحد من أهل السنة. انتهى.
وقال أيضا في «الخصائص الكبرى» (٨) : قال النووي وغيره : الكذب عليه صلىاللهعليهوآلهوسلم من الكبائر ، ولا يكفر فاعله على الصحيح وقول الجمهور.
وقال الجويني : هو كفر ، فإن تاب منه فذهب جماعة منهم الإمام أحمد والصيرفي وخلائق إلى أنه لا تقبل له رواية أبدا ـ وإن حسنت حاله ـ بخلاف التائب من الكذب على غيره صلىاللهعليهوآلهوسلم ومن سائر أنواع الفسوق ، وهذا مما خالف فيه الكذب على غيره.
قال السيوطي : وهذا القول هو المعتمد في فن الحديث ـ كما بينته في شرح التقريب وشرح ألفية الحديث ـ وإن رجح النووي خلافه. انتهى.
قلت : ونقل الحافظ عماد الدين ابن كثير عن أبي الفضل الهمذاني ـ شيخ ابن عقيل من الحنابلة ـ أنه وافق الجويني على هذه المقالة (٩).
وقال الحافظ شمس الدين الذهبي في كتاب «الكبائر» : لا ريب أن تعمد الكذب على الله تعالى ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم في تحريم حلال أو
__________________
(٧) تحذير الخواص : ٢١.
(٨) الخصائص الكبرى ٢ / ٢٥٤.
(٩) تنزيه الشريعة المرفوعة ـ لابن عراق ـ ١ / ١٢.