* وأما الحديث من طريق أبي مصعب فإنه مرسل بلا ريب ، لأن حميد ابن عبد الرحمن بن عوف لم يدرك النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكذلك من الطريق الآخر فإنه مرسل أيضا ، لأن حميدا توفي سنة خمس ومائة ـ وهو قول الفلاس وأحمد بن حنبل وأبي إسحاق الحربي وابن أبي عاصم وخليفة بن خياط ويعقوب بن سفيان وابن معين (١٨) ـ وهو ابن ثلاث وسبعين سنة فيكون قد ولد سنة اثنتين وثلاثين ـ وهي سنة وفاة أبيه عبد الرحمن بن عوف ـ أو بعد ذلك بسنة ، فكيف تحمل الحديث عن أبيه وهو لم يره إلا أياما معدودات على أكثر تقدير؟!! فروايته عن عمر منقطعة قطعا ، وكذا عن عثمان وأبيه ـ كما قال ابن حجر في تهذيب التهذيب (١٩) ـ.
ولمكان هذه العلة لا يصح هذا الإسناد ولا يتم ـ وقد نبه على ذلك شيخنا الأميني رحمهالله من قبل (٢٠) ـ ومن ثم ذهب البخاري إلى أن حديث حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن سعيد بن زيد أصح من حديثه عن أبيه (٢١) ، فتنبه!
على أن حميد بن عبد الرحمن بن عوف لا تندفع عنه التهمة في هذا الحديث وأضرابه ، فإنه ممن صنعوا على عين معاوية لحمل أمثال هذا الحديث ، وللرئاء بالعبادة والتقشف ، وللولوع بالسماع من أعداء علي عليه السلام (٢٢) ـ كما قال الإمام شرف الدين العاملي رحمهالله تعالى (٢٣) ـ وهو الذي روى عن أبي هريرة ذلك الإفك البين ، أعني حديث تأمير أبي بكر على
__________________
(١٨) تهذيب التهذيب ٢ / ٣٠.
(١٩) تهذيب التهذيب ٢ / ٣٠.
(٢٠) الغدير في الكتاب والسنة والأدب ١٠ / ١١٢.
(٢١) سنن الترمذي ٥ / ٦٤٧ ، كتاب الأربعين البلدانية : ١٠٧.
(٢٢) سمع معاوية وحديثه عنه في صحيح البخاري ، وسمع النعمان بن بشير وحديثه عنه في صحيح مسلم ، وله عن المغيرة بن شعبة وابن الزبير ومروان وغيرهم من أمثالهم
(٢٣) أبو هريرة : ١١٧.