وذكر ابن الحاجب أنه قد يشكل على هذا التعريف «بالأسماء المشتركة ; فإنها لا يفهم مدلولها إلا بالقرينة ، وكذلك الحرف لا يفهم معناه إلا بذكر متعلقه» ، ثم أجاب عنه ب «أن الأسماء المشتركة ليس من شرط استعمالها لفظ آخر يقترن بها ، بل قد يكون قصد المتكلم الإبهام ، ومن ثم يجئ كثير من المشتركات يجوز فيها الأمران ، أعني كل واحد من مدلوليها ، كقوله تعالى : (ثلاثة قروء) ، وليس كذلك الحرف ; فإنه لا يستقيم أن تقول : خرجت من» (٢٩).
وهناك جواب آخر ، وهو : أن معاني اللفظ المشترك كلها مفهومة منه ، وإن أثر القرينة تحديد المعنى الخاص المراد من تلك المعاني ، بينما ذكر متعلق الحرف ضروري لحصول أصل دلالته على معناه.
وأشكل على التعريف «بأين وكيف ونحوهما من أسماء الاستفهام ، ومن وما ونحوهما من أسماء الجزاء ; فإن هذه الأسماء تفيد الاستفهام في ما بعدها ، وتفيد الجزاء ، فتعلق وجود الفعل بعدها على وجود غيره ، وهذا معنى الحروف» (٣٠).
والنحاة أمام هذا الإشكال فريقان :
أما الأول منهما فقد عمد إلى التخلص منه بإضافة قيد احترازي إلى التعريف ، فقال بعض : «الحرف ما أبان عن معنى في غيره ، ولم يكن أحد جزأي الجملة» (٣١) ، وإن الأسماء المذكورة «وإن دلت على معنى في غيرها ... [لكنها] تكون أحد جزأي الجملة ... نحو : أين زيد وكيف
__________________
(١) الأمالي النحوية ، ابن الحاجب ، تحقيق هادي حسن حمودي ٣ / ١٠١ ـ ١٠٢.
(٣٠) شرح المفصل ، ابن يعيش ٨ / ٢.
(٣١) أ ـ شرح المقدمة المحسبة ، ابن بابشاذ ، تحقيق خالد عبد الكريم ، ص ٢١٥.
ب ـ شرح المفصل ٨ / ٣.