بردها جميعا.
والمهم في هذا التعريف بيان مضمونه وتحديد المراد به ، فقد ذهب جمهور النحاة إلى أن دلالة الحرف على معناه متوقفة على ارتباطه بغيره من أجزاء الكلام ، وأرجعوا ضميري (نفسه ، وغيره) الواردين في تعريف الاسم والحرف إلى (ما) التي يراد بها الكلمة ، فيكون المعنى : أن الاسم كلمة تدل بنفسها على معناها دون حاجة إلى كلمة أخرى ، بخلاف الحرف ، قال المرادي (ت ٧٤٩ ه) : «إن دلالة الحرف على معناه الأفرادي متوقفة على ذكر متعلق ، بخلاف الاسم والفعل ; فإن دلالة كل منهما على معناه الأفرادي غير متوقفة على ذكر متعلق ، ألا ترى أنك إذا قلت : (الغلام) فهم منه التعريف ، ولو قلت : (أل) مفردة لم يفهم منه معنى» (٣٩).
وهذا في الواقع بيان للفرق بين الحرف وبين قسيميه (الاسم والفعل) في مرحلة الدلالة على المعنى ، وأن الحرف «مشروط في إفادته معناه الذي وضع له انضمامه إلى غيره» (٤٠) ، ولكنه لا يوضح حقيقة المعنى الذي وضع له الحرف.
وذهب ابن الحاجب إلى إرجاع الضميرين في (نفسه ، وغيره) إلى (المعنى) ، وقال : إن مدلول كل من الاسم والفعل معنى ثابت بنفسه ، وأما الحرف فيدل على معنى متعلق بغيره من المعاني المستقلة بذاتها ، المدلولة للأسماء والأفعال.
أي أنه فرق بين الحرف وقسيميه بلحاظ المعنى الموضوع له كل من القبيلين ، لا بلحاظ دلالة كل منهما على معناه.
وقد صرح ابن الحاجب برأيه هذا في كتابيه : الإيضاح في شرح
__________________
(٣٩) أ ـ الجنى الداني في حروف المعاني ، المرادي ٧ ص ٢٢.
ب ـ شرح المفصل ، ابن يعيش ٨ / ٢.
(٤٠) همع الهوامع ، السيوطي ١ / ٧.