ولاحظ ابن السراج (ت ٣١٦ ه) أن هذه العبارة لا تنطبق على واقع البناء بنحو دقيق ; لأنها لم تنص على أن محل علامة البناء هو آخر الكمة ، ولا تشمل ما يبنى من الكلمات على السكون ، فأصلحها بقوله : البناء «أن يبنى آخر الكلمة على حركه غير مفارقة أو سكون غير مفارق» (٥٢).
وعرفه الفارسي (ت ٣٧٧ ه) بقوله : «البناء أن لا يختلف الآخر باختلاف العوامل» (٥٣).
وفيه نوع تسامح ; إذ المراد اختلاف حال آخر الكلمة وعلامتها ، ويؤخذ عليه تعريفه البناء بأمر عدمي هو (عدم اختلاف الآخر) مع إمكان تعريفه بأمر وجودي.
وقريب منه تعريف السرمري (ت ٧٧٦ ه) : «أن لا يتغير آخر الكلام بتغير العوامل عليه» (٥٤) ، مع ملاحظة تعبيره ب (الكلام) بدلا من (الكلمة).
وقام الرماني (ت ٣٨٤ ه) باختصار التعريب المتقدم لابن السراج وقال : «البناء لزوم آخر الكلمة بسكون أو حركة» (٥٥).
وتابعه عليه ابن الأنباري (ت ٥٧٧ ه). (٥٦).
وقال ابن جني (ت ٣٩٢ ه) : البناء «لزوم آخر الكلمة ضربا واحدا من السكون أو الحركة ، لا لشئ أحدث ذلك فيه من العوامل» (٥٧).
فأضاف قيد (لا لشئ ...) احترازا من شمول التعريف لبعض
__________________
(٥٢) الموجز في النحو : ابن السراج ، تحقيق مصطفى الشويمي وبن سالم دامرجي ، ص ٢٨.
(٥٣) الإيضاح العضدي ، أبو علي الفارسي ، تحقيق حسن الشاذلي فرهود ١ / ١٥.
(٥٤) شرح اللؤلؤة ، السرمري (مخطوط بحوزتي) الورقة ٦٠ الوجه ب.
(٥٥) الحدود في النحو ، الرماني (ضمن كتاب رسائل في النحو واللغة) تحقيق مصطفى جواد ويوسف مسكوني ، ص ٣٨.
(٥٦) أسرار العربية ، ابن الأنباري ، تحقيق محمد بهجة البيطار ، ص ١٩.
(٥٧) الخصائص ، ابن جني ، تحقيق محمد علي النجار ، ١ / ٣٧.