فرع فى الأفعال ، وكان سيبويه والبصريون يذهبون إلى الرأى الثانى لأن الاسم تتعاوره معان مختلفة ، هى الفاعلية والمفعولية والإضافة ولو لا الإعراب ما استبانت هذه المعانى فى صيغة الاسم ولوقع اللبس ، بخلاف الفعل فإن اختلاف صيغه فى التركيب يؤمن من اللبس فيه. وذهب الفراء إلى أن الإعراب أصل فى الأفعال كالأسماء ، واحتج بأنها هى الأخرى تختلف معانيها الزمنية ، فقد تدل على الحال ، وقد تدل على الاستقبال ، وقد تدل على المضى ، ومعروف أن المضارع قد يدل على الاستمرار فى مثل «يشعر» إذ تقوم مقام شاعر ، وفى هذه الحالة يصبح المضارع مثل الاسم الذى يلزم المسمى ولا يزايله (١).
والمسألة الرابعة مسألة الأفعال وأقسامها ، أما البصريون فيقسمون الفعل القسمة المعروفة إلى ماض ومضارع وأمر ، وأما الفرّاء ، وتبعه الكوفيون ، فقسمه إلى ماض ومضارع ودائم ، وهو لا يريد بالدائم فعل الأمر ، وإنما يريد اسم الفاعل كما مر بنا فى فصل المدرسة الكوفية (٢). أما فعل الأمر فمقتطع عنده من المضارع المجزوم بلام الامر ، يقول : «العرب حذفت اللام من فعل المأمور المواجه لكثرة الأمر خاصة فى كلامهم ، فحذفوا اللام كما حذفوا التاء من الفعل (المضارع فى مثل لتضرب) وأنت تعلم أن الجازم أو الناصب لا يقعان إلا على الفعل الذى أوله الياء والتاء والنون والألف. فلما حذفت التاء ذهبت باللام ، وأحدثت الألف فى قولك : اضرب وافرح ، لأن الضاد ساكنة ، فلم يستقم أن يستأنف بحرف ساكن فأدخلوا ألفا خفيفة (يريد ألف الوصل) يقع بها الابتداء ، كما قال : (ادَّارَكُوا) و (اثَّاقَلْتُمْ). وكان الكسائى يعيب قولهم (فلتفرحوا) لأنه وجده قليلا فجعله عيبا ، وهو الأصل (يريد أصل الأمر) ولقد سمعت عن النبى صلىاللهعليهوسلم أنه قال فى بعض المشاهد : لتأخذوا مصافّكم ، يريد به خذوا مصافكم» (٣). وبذلك يكون الأمر عنده
__________________
(١) الزجاجى ص ٨٠ والرضى على الكافية ١ / ١٩ والهمع ١ / ١٥.
(٢) انظر معانى القرآن ١ / ١٦٥ حيث يقرن الفعل الماضى بالدائم ويريد اسم الفاعل وقارن بصفحة ٣٣.
(٣) معانى القرآن ١ / ٤٦٩.