عطف البيان ومتبوعه قد يكونان نكرتين ، وقد استدلوا بمثل قوله جلّ شأنه : (أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ) وقوله : (مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ) وكان البصريون يؤولون مثل ذلك على أنه بدل ذاهبين إلى أن عطف البيان ينبغى أن يكون دائما معرفة (١). وذهب البصريون إلى أن لو شرطية دائما ، بينما ذهب الفراء ـ وتابعه أبو على ـ إلى أنها قد تكون حرفا مصدريّا بمنزلة أن إلا أنها لا تنصب ، وأكثر وقوع ذلك بعد ودّ ويودّ مثل (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ) و (يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ) وقال البصريون إنها فى مثل ذلك شرطية وإن مفعول يود وجواب لو محذوف ، والتقدير : يود أحدهم التعمير لو يعمر ألف سنة لسره ذلك. ويقول ابن هشام لا خفاء بما فى هذا التقدير من التكلف (٢). وكان يجيز ـ مثل الكوفيين ـ إعمال الضمير العائد على المصدر فى الظرف مثل «قيامك أمس حسن وهو اليوم قبيح» فهو عنده تعمل فى اليوم عمل المصدر العائدة عليه (٣). وتابعهم فى أن «أو» تأتى للإضراب مطلقا بدون اشتراط تقدم نفى أو نهى كما اشترط سيبويه ، محتجّا بقول جرير :
ماذا ترى فى عيال قد برمت بهم |
|
لم أحص عدّتهم إلا بعدّاد |
كانوا ثمانين أو زادوا ثمانية |
|
لولا رجاؤك قد قتّلت أولادى (٤) |
ومما تابعهم فيه أن الباء الجارة قد تأتى بمعنى التبعيض مثل قوله تعالى :
(وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ) وقوله : (عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ»)(٥). وكان سيبويه يذهب إلى أن خلا إذا تقدمتها ما كانت فعلا ، وذهب الكسائى. وتبعه أبو على الفارسى ـ إلى أنها قد تكون حرف جر وما زائدة (٦).
وليس كل ما يشكّل بغدادية أبى على أنه كان ينتخب لنفسه من المذهبين
__________________
(١) الهمع ٢ / ١٢١.
(٢) المغنى ص ٢٩٤.
(٣) الخصائص ٢ / ١٩ وانظر الهامش.
(٤) المغنى ص ٦٧.
(٥) المغنى ص ١١١.
(٦) المغنى ص ١٤٢ ومما تابع فيه الكوفيين أن من حروف النصب المضارع كما بمعنى كيما (الهمع ٢ / ٦ والمغنى ص ١٩٣) ومر بنا أن الكسائى كان يرى فى مثل قام وقعد محمد أن فاعل الفعل الأول محذوف ولا فاعل ، وقد استضاء بذلك الفارسى فذهب إلى أن قلما فى مثل قلما ينظر محمد لا فاعل لها وكأن الفعل أجرى مجرى حرف النفى ومثلها كان المزيدة فى مثل أنت تكون ماجد نبيل (المغنى ص ٧٥٠ والهمع ١ / ١٢٠).