وتابعهم ابن الطراوة إلا أن الإعمال عنده أحسن ، واستدلوا بمثل قول القائل : «وما إخال لدينا منك تنويل» (١). واشترط البصريون تنكير التمييز وذهب الكوفيون وتابعهم ابن الطراوة إلى أنه يجوز أن يكون معرفة ، لمجىء ذلك فى الشعر والنثر ، مثل : «وطبت النفس يا قيس بن عمرو» وقول العرب : سفه زيد نفسه (٢). وذهب البصريون إلى أن «ربّ» حرف تقليل ، وذهب الكوفيون ، وتابعهم ابن الطراوة ، إلى أنها اسم مبنى ، لأنها فى التقليل مثل «كم» فى التكثير وهى اسم بالإجماع (٣). ومما اختاره من آراء الفارسى أن أبا فى قولهم : «لا أبا لك» مفردة جاءت على لغة القصر والمجرور باللام هو الخبر (٤) ، وأن «على» التى ذهب الجمهور إلى أنها حرف جر هى اسم معرب ، لأنه لا يظهر فيها علامة البناء من شبه الحرف ، إذ لا حرف فى معناها (٥). وعلى ضوء من فكرة التضمين التى أطال ابن جنى القول فيها وجّه مجىء استغفر متعدية إلى مفعول واحد فى قولك «استغفرت الله من الذنب» لتضمنها معنى استتبت (٦). وله آراء مختلفة تفرد بها مخالفا النحاة ، من ذلك أن ضمير الشأن فى مثل : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) و «إنه محمد مسافر» حرف وليس اسما (٧) ، وأن أيّا فى مثل قوله جلّ شأنه : (لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ) مبنية لاقتطاعها عن الإضافة ، و (أَيُّهُمْ أَشَدُّ) مبتدأ وخبر ، والنحاة يجمعون على أن أيا إذا اقتطعت عن الإضافة أعربت (٨). ومما خالف فيه النحاة أن قعودا فى مثل «قعد قعودا» ليست مفعولا مطلقا ، وإنما هى مفعول به لفعل محذوف لا يجوز إظهاره (٩) ، وأن جواب لو لا فى مثل «لولا على لسافرت» هو خبر المبتدأ التالى لها (١٠). وكان يذهب إلى أن عسى ليست من النواسخ (١١).
ويكثر فى عصر الموحدين النحاة الذين عنوا بشرح كتاب سيبويه
__________________
(١) الهمع ١ / ١٥٣.
(٢) الهمع ١ / ٢٥٢ وقابل بالرضى على الكافية ١ / ٢٠٥.
(٣) الهمع ٢ / ٢٥ وقابل بالرضى على الكافية ٢ / ٣٠٧.
(٤) الهمع ١ / ١٤٥.
(٥) الهمع ٢ / ٢٩.
(٦) المغنى ص ٥٧٧.
(٧) الهمع ١ / ٦٧ وقارن بالرضى على الكافية ٢ / ٢٥.
(٨) المغنى ص ٨٢.
(٩) الهمع ١ / ١٨٧.
(١٠) المغنى ص ٣٠٣.
(١١) الأشباه والنظائر ٣ / ٦.