وكذلك فى أنه إذا اجتمع معرفتان فى باب كان فأيتهما شئت جعلتها الاسم والثانية الخبر (١). ومما انفرد به أن الشرّ فى مثل «إياك والشرّ» منصوب بفعل محذوف تقديره احذر الشر (٢) ، وأنه إذا أضيفت «ويح» لزمت النصب ، وإذا أفردت فى مثل «ويح له» جاز فيها الرفع والنصب مع قوة الأول وضعف الثانى لأنها مصدر لا فعل له (٣).
أما السّهيلى (٤) فهو أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله الضرير صاحب كتاب الروض الأنف فى شرح السيرة النبوية المتوفّى سنة ٥٨١ للهجرة ، وهو تلميذ ابن الطراوة وابن طاهر. وكان بارعا فى العربية والتفسير وعلم الكلام. ومن كتبه المتصلة بالدراسات النحوية كتابه «نتائج الفكر» واشتهر بأنه صاحب استنباطات دقيقة وأنه كان يشغف بالعلل النحوية واختراعها على شاكلة الأعلم الشنتمرى حتى ليقول ابن مضاء : إنه كان يولع بها ويخترعها ويعتقد ذلك كما لا فى الصنعة وبصرا بها (٥). وتدور له فى كتب النحو اختيارات مختلفة من مذاهب البصريين والكوفيين والبغداديين ، من ذلك أنه كان يرى رأى المبرد فى أن التعدية بالباء الجارة تخالف التعدية بالهمزة ، فإذا قلت «ذهبت بزيد» كنت مصاحبا له فى الذهاب بخلاف قولك «أذهبت زيدا» معديا للفعل ذهب بالهمزة (٦). وكان يذهب مذهب ابن درستويه البصرى فى أن نائب الفاعل فى مثل «مرّ بزيد» ليس الجار والمجرور وإنما هو ضمير مستتر عائد على المصدر المفهوم من الفعل والتقدير «مرّ هو» أى المرور (٧). وكان يذهب مذهب الكسائى وهشام فى أن فاعل الفعل الأول فى مثل «ضربنى وضربت زيدا» محذوف (٨) وكان ينكر مع الفرّاء أن تأتى الحال مؤكدة وأنها فى مثل «فتبسم ضاحكا» مبينة لا مؤكدة (٩). ومما ذهب
__________________
(١) الهمع ١ / ١١٨.
(٢) الهمع ١ / ١٦٩.
(٣) الهمع ١ / ١٨٩.
(٤) انظر فى ترجمة السهيلى بغية الملتمس ص ٣٥٤ وابن خلكان ١ / ٢٨٠ والمغرب ١ / ٤٤٨ وابن فرحون ص ١٥٠ وإنباه الرواة ٢ / ١٦٢ وطبقات القراء ١ / ٣٧١ وشذرات الذهب ٤ / ٢٧١ وبغية الوعاة ص ٢٩٨ ومرآة الجنان ٣ / ٤٢٢.
(٥) الرد على النحاة لابن مضاء ص ١٦٠.
(٦) المغنى ص ١٠٧ والهمع ٢ / ٨٢.
(٧) الهمع ١ / ١٦٣.
(٨) المغنى ص ٦٧٣.
(٩) الهمع ١ / ٢٤٥.