فيه مذهب الكوفيين أن إنّ وأخواتها لا تعمل فى الخبر ، بل هو باق على رفعه قبل دخولها عليه ، وكان يحتج لذلك بأنها أضعف من الأفعال فلا تعمل عملها (١). وكأن يأخذ برأى الكوفيين والبغداديين جميعا فى أن النكرة لا يجوز أن تبدل من المعرفة إلا إذا وصفت مثل (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ) محتجّا بأنها إن لم توصف لم تفد أى فائدة مثل «مررت بزيد برجل» (٢). ومن آرائه التى كان يتابع فيها سيبويه أن «أنّ» المفتوحة وما بعدها لا تؤوّل بمصدر وإنما تؤول بالحديث بخلاف أن الناصبة للمضارع فإنها تؤول معه بمصدر (٣). وكان ينكر أن مفعولى ظن وأخواتها أصلهما مبتدأ وخبر (٤) ، وكان يذهب إلى أن مهما قد تأتى حرفا كقول زهير :
ومهما تكن عند امرئ من خليقة |
|
وإن خالها تخفى على الناس تعلم |
مستدلا بأنها فى البيت لا محل لها لأن «تكن» معها اسمها وخبرها (٥). وذهب إلى أن «لا» العاطفة إنما تقع بين متعاندين مثل «جاء رجل لا امرأة» ، بخلاف «جاء رجل لا زيد» لصدق اسم الرجل عليه (٦) ، كما ذهب إلى أن الاستفهام التقريرى فى مثل (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ) خبر موجب (٧). وكان يرى أنه يحسن عطف الاسم على الفعل مثل : (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ) ويقبح العكس أى عطف الفعل على الاسم (٨) وذهب إلى أن لا الناهية فى مثل لا تضرب هى النافية والفعل مجزوم بلام مقدرة (٩) ، وهو تكلف واضح ، كما ذهب إلى أن أصل «الذى» ذو بمعنى صاحب ، يقول السيوطى : «قدر لذلك تقديرات فى غاية التعسف والتكلف» (١٠).
وعيسى (١١) الجزولى المتوفى سنة ٦٠٧ مغربى من قبيلة جزولة البربرية ، حجّ ،
__________________
(١) الهمع ١ / ١٣٤.
(٢) الهمع ٢ / ١٢٧.
(٣) المغنى ص ٣٩ والهمع ١ / ١٣٧.
(٤) الهمع ١ / ١٥١.
(٥) المغنى ص ٣٦٧.
(٦) الهمع ٢ / ١٣٧.
(٧) المغنى ص ١٢١.
(٨) الهمع ٢ / ١٤٠.
(٩) المغنى ص ٢٧٤.
(١٠) الهمع ١ / ٨٢.
(١١) انظر فى ترجمة الجزولى إنباه الرواة ٢ / ٣٧٨ وابن خلكان ١ / ٣٩٤ وشذرات الذهب ٥ / ٢٦ وبغية الوعاة ص ٣٦٩.