فلزم ابن برّى نحوىّ مصر وعاد فنزل الأندلس وتصدر للإقراء بالمريّة وغيرها من مدن الأندلس وتلمذ عليه هناك جماعة منهم الشلوبين. وله المقدمة المشهورة فى النحو وهى حواش على كتاب الجمل للزجاجى أفادها من مباحث كانت تثار فى مجلس أستاذه ابن برى ، ومن أجل ذلك كان لا ينسبها إلى نفسه. وكان يذهب مع ابن السراج البصرى إلى أنه لا يجوز تقدم المفعول به على الفاعل إذا حصل لبس مثل «كلّم موسى عيسى». (١) وذهب مع أبى على الفارسى وابن طاهر إلى أن نون المثنى والجمع المذكر عوض عن الحركة والتنوين فى المفرد (٢). وكان يرى أنه يجب أن يتحول المفعول الأول إلى نائب فاعل ولا تصح نيابة المفعول الثانى (٣) ، كما كان يرى أنه يصح حذف نون الوقاية فى من وعن ، فيقال «منى وعنى» بالتخفيف (٤)
أما ابن (٥) خروف فهو على بن يوسف بن خروف القرطبى المتوفى سنة ٦٠٩ للهجرة ، كان إماما فى العربية أخذ النحو عن ابن طاهر ، وأقرأه فى موطنه ، ورحل عنه إلى المغرب ، وأخذ يطوف فى البلدان العربية حتى ألقى عصاه بحلب. واشتهر بمناظراته فى العربية مع السهيلى ، وبشرحه لكتاب سيبويه وكتاب الجمل للزجاجى. وله اختيارات كثيرة وخاصة من مذاهب البصريين. من ذلك أنه كان يذهب إلى أن «ما» تأتى معرفة تامة ونقله عن سيبويه ، وبذلك كان يجعلها فاعلا لنعم فى مثل «دققته دقّا نعمّا» والتقدير نعم الدق (٦). وكان يذهب مذهب سيبويه وأستاذه ابن طاهر وابن الباذش فى أنه لا يجوز حذف أحد مفاعيل أعلم وأرى بدون دليل (٧). وذهب مذهب سيبويه والمبرد فى أن نباتا فى مثل «أنبت الزرع نباتا» منصوب بفعل المصدر الجارى عليه وهو نبت مضمرا والفعل الظاهر دليل عليه (٨). وكان يذهب مذهب المبرد فى أن لام المستغاث زائدة بدليل صحة إسقاطها فتقول : «يا لزيد لعمرو» و «يا زيد لعمرو» (٩).
__________________
(١) الهمع ١ / ١٦١.
(٢) الهمع ١ / ٤٨.
(٣) الهمع ١ / ١٦٢.
(٤) الهمع ١ / ٦٤.
(٥) انظر فى ترجمة ابن خروف التكملة لابن الأبار ص ٦٧٦ ومعجم الأدباء ١٥ / ٧٥ وابن خلكان وفوات الوفيات ٢ / ٧٩ والمغرب ١ / ١٣٦ وبغية الوعاة ص ٣٥٤.
(٦) المغنى ص ٣٢٨ والهمع ١ / ٩٢.
(٧) الهمع ١ / ١٥٨.
(٨) الهمع ١ / ١٨٧.
(٩) المغنى ص ٢٤٠.