المجزومة فى قولهم «لم يك» للتخفيف ، وردّ أبو حيان هذا التعليل ذاهبا إلى أن العلة هى كثرة الاستعمال مع شبه النون بحروف العلة (١). وذهب ابن مالك إلى أن «كل» قد تأتى توكيدا مع إضافتها إلى اسم ظاهر حال محل الضمير مثل :
كم قد ذكرتك لو أجزى بذكركم |
|
يا أشبه الناس كلّ الناس بالقمر |
وخالفه أبو حيان ذاهبا إلى أن «كل الناس» فى البيت نعت لا توكيد (٢). ومرّ بنا أن ابن مالك كان يجوّر ـ تبعا للأخفش ـ مجىء الحال مع المضاف إليه بشرط أن يكون المضاف جزءا منه أو مثل جزئه نحو : (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً) (وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً) وردّ ذلك أبو حيان وقال إن إخوانا منصوبة على المدح وحنيفا حال من ما أو من الضمير فى اتبع محتجّا بأن العامل فى الحال هو العامل فى صاحبها وعامل المضاف إليه اللام المقدرة أو الإضافة وكلاهما لا يصلح أن يعمل فى الحال (٣). ومرّ بنا أيضا أن ابن مالك كان يجوّز ـ تبعا لابن جنى والزمخشرى ـ أن تبدل الجملة من المفرد كقول بعض الشعراء :
إلى الله أشكو بالمدينة حاجة |
|
وبالشام أخرى كيف يلتقيان |
فكيف يلتقيان فى رأيهم بدل من حاجة وأخرى ، كأن الشاعر قال : أشكو هاتين الحاجتين تعذر التقائهما ، وقال ابن مالك ، ومنه : (ما يُقالُ لَكَ إِلَّا ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ) ـ الآية) فإن وما بعدها بدل من ما وصلتها. وردّ ذلك أبو حيان قائلا إن البدلين جميعا استئناف (٤).
وله وراء ما قدمنا اجتهادات وتخريجات وآراء مختلفة ينفرد بها ، من ذلك أنه كان يذهب إلى أن «أن المصدرية» لا توصل بالأمر ، وأن «أن» الموصولة به فى بعض العبارات مثل «كتبت إليه أن قم» تفسيرية ، أما ما حكاه سيبويه من قولهم : «كتبت إليه بأن قم» فالباء فيه زائدة (٥). وكان يذهب إلى أن اللام فى مثل : (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ) هى لام الابتداء مفيدة لمعنى التوكيد ويجوز أن يكون قبلها قسم مقدر أو لا يكون (٦). وكان ينكر مجىء «ما» نكرة
__________________
(١) الهمع ١ / ١٢٢.
(٢) المغنى ص ٢١٢.
(٣) الهمع ١ / ٢٤٠.
(٤) الهمع ٢ / ١٢٨.
(٥) المغنى ص ٢٦ وما بعدها.
(٦) المغنى ص ٢٥٢.