وقال : إن هذا الفرق لم يقل به أحد وإن السيرافى صرّح بأن قولهم : «يأتينا صباح مساء وصباح مساء وصباحا ومساء معناهن واحد (١). وكان يذهب إلى أن لولا تفيد التعليل فى مثل «لولا إحسانك لما شكرتك» وأن العرب لذلك جرّوا بها المضمر فى مثل لولاى (٢) ، وهو بذلك يتفق مع سيبويه كما مر بنا فى أنها حين يليها المضمر تكون جارة. وذهب مذهب الكوفيين والأخفش فى أن إذا الفجائية حرف وليست ظرفا (٣) ، كما ذهب مذهب أبى على الفارسى فى أن «ما» قد تأتى زمانية فى مثل : (فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم) أى استقيموا لهم مدة استقامتهم لكم (٤). ومعروف أن الفعل قد يأتى للمطاوعة ، وهى أن يدل أحد الفعلين على تأثير ويدل الآخر على قبول فاعله لذلك التأثير مثل علّمته فتعلّم ، وهو حينئذ يتعدى إلى واحد كما فى المثال ، وذهب ابن برى إلى أنه قد يتعدّى لاثنين نحو «استخبرت الخبر فأخبرنى الخبر» ومثل «استعينه كتابا فأعطانى كتابا» وقال ابن هشام : ما ذكره ابن برى ليس من باب المطاوعة وإنما هو من باب الطلب والإجابة (٥).
وكان يعاصره عثمان (٦) بن عيسى البلطىّ الموصلى نحوى دمشق المتوفى سنة ٥٩٩ للهجرة ، ولما ملك صلاح الدين مصر انتقل إليها فرتّب له جاريا لإقراء النحو بجامعها ، وكان يتعمق فى دراسته ودراسة العروض ، ومن مصنفاته «النّبر» فى العربية والعروض الكبير والعروض الصغير ، ويقول السيوطى إنه كان يخلط بين مذهبى الكوفة والبصرة.
ومن نحاة مصر فى العصر الأيوبى سليمان (٧) بن بنين الدقيقى تلميذ ابن برى المتوفى سنة ٦١٤ للهجرة ، وله مصنفات كثيرة فى النحو واللغة والأدب ، منها شرح على سيبويه سماه «لباب الألباب فى شرح الكتاب» وكتاب الوضّاح فى شرح أبيات الإيضاح لأبى على الفارسى ، وكتاب إغراب العمل فى شرح أبيات الجمل للزجاجى ، وكتاب اتفاق المبانى وافتراق المعانى فى اللغة.
__________________
(١) الهمع ١ / ١٩٧.
(٢) الأشباه والنظائر للسيوطى ١ / ٢٢٧.
(٣) الرضى على الكافية ١ / ٩٣ وانظر المغنى ص ٩٢.
(٤) المغنى ص ٣٣٥.
(٥) المغنى ص ٥٧٤ ، ٥٧٥.
(٦) انظر ترجمة البلطى فى معجم الأدباء ١٢ / ١٤١ وإنباه الرواة ٢ / ٣٤٤ وبغية الوعاة ص ٣٢٣.
(٧) انظره فى بغية الوعاة ص ٢٦١.