الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ) فقد ذكر عند الكلام على قوله تعالى : (تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ) أن الواو تأتى للإباحة نحو «جالس الحسن وابن سيرين» وأنه إنما جاء بتلك العبارة دفعا لتوهم إرادة الإباحة فى قوله جلّ وعزّ : (فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ) يقول ابن هشام : «وقلده فى ذلك صاحب الإيضاح البيانى ولا تعرف هذه المقالة لنحوى (١). والمثال الثالث يتصل بعطف الزمخشرى كلمات وعبارات متباعدة فى الذكر الحكيم بعضها على بعض ، إذ ذهب فى قوله عزّ شأنه : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ) إلى أن (كل أمر مستقرّ) فيمن جرّ (مستقر) عطف على الساعة ، وهى فى رأى ابن هشام مبتدأ حذف خبره. ومن ذلك ذهاب الزمخشرى إلى أن الآية رقم ٣٨ فى سورة الذاريات : (وَفِي مُوسى إِذْ أَرْسَلْناهُ إِلى فِرْعَوْنَ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) معطوفة على الآية رقم ٢٠ : (وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ) وفى رأى ابن هشام أنها معطوفة على كلمة فيها فى الآية السابقة لها رقم ٣٧ : (وَتَرَكْنا فِيها آيَةً لِلَّذِينَ يَخافُونَ الْعَذابَ الْأَلِيمَ)(٢). وليس معنى ذلك أنه كان يعارض دائما آراء الزمخشرى فقد كان يرتضى بل يستحسن كثيرا من آرائه ، من ذلك ما ذهب إليه من أن «أنما» بالفتح تفيد الحصر مثل «إنما» وقد اجتمعتا ، كما يقول ، فى قوله تعالى : (قُلْ إِنَّما يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ)(٣). ويقف بإزاء إفادة أما التوكيد فى مثل «أما زيد فمنطلق» ويقول : «قلّ من ذكره ولم أر من أحكم شرحه غير الزمخشرى فإنه قال : خ خ فائدة أما فى الكلام أن تعطيه فضل توكيد تقول زيد ذاهب فإذا قصدت توكيد ذلك وأنه لا محالة ذاهب وأنه بصدد الذهاب وأنه منه عزيمة قلت : أما زيد فذاهب ، ولذلك قال سيبويه فى تفسيره : مهما يكن من شىء فزيد ذاهب ، وهذا التفسير مدل بفائدتين : بيان كونه توكيدا وأنه فى معنى الشرط» (٤). وقد استصوب رأيه فى أن «قد» تأتى للتوقع وقد تأتى للتحقيق مثل (قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ
__________________
(١) المغنى ص ٦٦.
(٢) المغنى ص ٦٠٥ وما بعدها.
(٣) المغنى ص ٣٩.
(٤) المغنى ص ٥٩.