«زعم الخليل أنهم نصبوا المضاف نحو يا عبد الله ويا أخانا والنكرة حين قالوا يا رجلا صالحا حين طال الكلام كما نصبوا هو قبلك وهو بعدك. ورفعوا المفرد كما رفعوا قبل وبعد وموضعهما واحد ، وذلك قولك : يا زيد ويا عمرو. وتركوا التنوين فى المفرد كما تركوه فى قبل. قلت : أرأيت قولهم : يا زيد الطويل علام نصبوا الطويل؟ قال : نصب لأنه صفة لمنصوب ، وقال : وإن شئت كان نصبا على أعنى. فقلت : أرأيت الرفع على أى شىء هو إذا قال : يا زيد الطويل؟ قال : هو صفة لمرفوع. قلت : ألست قد زعمت أن هذا المرفوع فى موضع نصب؟ فلم لا يكون كقوله : لقيته أمس الأحدث؟ قال : من قبل أن كل اسم مفرد فى النداء مرفوع أبدا وليس كل اسم فى موضع أمس يكون مجرورا ، فلما اطّرد الرفع فى كل مفرد فى النداء صار عندهم بمنزلة ما يرتفع بالابتداء أو بالفعل ، فجعلوا وصفه إذا كان مفردا بمنزلته : قلت : أفرأيت قول العرب كلهم :
أزيد أخا ورقاء إن كنت ثائرا |
|
فقد عرضت أحناء حقّ فخاصم |
لأى شىء لم يجز فيه الرفع كما جاز فى الطويل (يريد عبارة يا زيد الطويل السابقة) قال : لأن المنادى إذا وصف بالمضاف فهو بمنزلته إذا كان فى موضعه ، ولو جاز هذا لقلت : يا أخونا ، تريد أن تجعله فى موضع المفرد ، وهذا لحن ، فالمضاف إذا وصف به المنادى فهو بمنزلته إذا ناديته ، لأنه وصف لمنادى فى موضع نصب ، كما انتصب حيث كان منادى لأنه فى موضع نصب ولم يكن فيه ما كان فى (كلمة) الطويل لطوله. وقال الخليل : كأنهم لما أصافوا ردوه إلى الأصل كقولك : إن أمسك قد مضى».
والقطعة زاخرة بالأقيسة القائمة على علة المشابهة ، فالمنادى يشبه «قبل وبعد» ويأخذ لذلك حكمهما ، فهو إذا كان مفردا رفع وحرم التنوين مثل قبل وبعد اللتين تبنيان على الضم فى حال إفرادهما ، وإذا طال إما بالإضافة أو لأنه نكرة غير مقصودة موصوفة نصب كما تنصب قبل وبعد حين تضافان فيقال قبلك وبعدك. وإذا نعت المنادى المفرد بمفرد جاز فى النعت النصب لأن محل هذا