زيد» أى «من أنت كلامك زيد» ، فتركوا إظهار الرافع (١) ، يريد إظهار المبتدأ ، وقول الله جلّ وعزّ : (لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ بَلاغٌ) أى ذاك بلاغ (٢). ومما يطرد فيه حذف المبتدأ النعت المقطوع لمدح أو ذم أو ترحم مثل مررت بمحمد الفاضل أو اللئيم أو المسكين (٣). وكذلك أى الموصولة إذا أضيفت وحذف عائدها أو بعبارة أخرى المبتدأ بعدها مثل : (لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ) على تقدير هو أشد (٤).
وعلى نحو ما اتسع سيبويه فى الحديث عن حذف العوامل على هدى ما قاله أستاذه الخليل فى ذلك اتسع فى الحديث عن حذف المعمولات ، فمن ذلك الخبر بعد مرفوع لو لا فى مثل «لولا عبد الله للقيتك» ، ويفهم من كلامه فيها أن جوابها أغنى عن الخبر (٥). وكذلك الخبر بعد لو فى مثل (وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ) فقد جعل أن وما بعدها فى محل رفع بالابتداء ، وقال إن المبتدأ هنا لا يحتاج إلى خبر لاشتمال صلة لو لا على المسند إليه والمسند (٦). ويحذف الخبر فى مثل «كلّ رجل وضيعته» و «أنت وشأنك» أى مقرونان (٧). وهو يحذف جوازا كلما وجدت قرينة ، وجعل من ذلك (طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ) فى أحد توجيهيه ، إذ قال من الممكن أن يكون الخبر هو المحذوف على تقدير طاعة وقول معروف أمثل (٨) ، وكان الخليل يقول بذلك كما مر بنا فى غير هذا الموضع ومن مواضع حذفه قولهم «ما أنت إلا سيرا» أى تسير سيرا ، وخرّج عليه كما أسلفنا الآية الكريمة : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) أى فيما فرض عليكم حتى لا يكون الخبر طلبيّا (٩). ويحذف خبر إنّ مثل إنّ ولدا أى إن لنا ولدا ، وخبر ليت مثل : «يا ليت أيام الصبا رواجعا» ، أى يا ليت لنا ، وكذلك خبر لا النافية للجنس ، وجعل منه «ألاماء باردا» أى لنا (١٠) ، وكذلك خبر لا العاملة عمل ليس مثل :
__________________
(١) الكتاب ١ / ١٦٢.
(٢) الكتاب ١ / ١٩١.
(٣) الكتاب ١ / ٢٥٢ وما بعدها.
(٤) الكتاب ١ / ٣٩٨ وما بعدها.
(٥) الكتاب ١ / ٢٧٩.
(٦) المغنى ص ٢٩٨.
(٧) الكتاب ١ / ١٥١.
(٨) الكتاب ١ / ٧١.
(٩) انظر الكتاب ١ / ٧٢.
(١٠) انظر فى الأمثلة المذكورة الكتاب ١ / ٢٨٤.