من صدّ عن نيرانها |
|
فأنا ابن قيس لا براح (١) |
وتابع الخليل فى أن اسم إن وأخواتها إذا كان ضمير شان حذف كثيرا ، وسبق أن صورنا ذلك فى حديثنا عن الخليل. ولاحظ أن اسم «كان وليس» المضمر يكثر حذفه وعقد لذلك بابا (٢) مثل «كان الناس صنفان : صالح وطالح» ، و «ليس كلّ وقت تلقى صاحبك». وجعل إضمار اسمهما واجبا فى باب الاستثناء مثل جاء القوم لا يكون محمدا ، وليس محمدا (٣). ويحذف المفعول به ضرورة فى مثل «زيد رأيت» وقياسا فى باب ظن حين يلغى الفعل كما مر بنا فى غير هذا الموضع. ويحذف التمييز فى مثل كم صمت؟ أى كم يوما ، وكثيرا ما يحذف عائد الصلة ، وحتى المؤكد قد يحذف عنده وعند أستاذه الخليل ، يقول : «سألته عن مررت بزيد وأتانى أخوه أنفسهما» ما موضع أنفسهما؟ فقال الرفع على تقدير هما صاحباى أنفسهما ، ويجوز النصب على تقدير أعنيهما أنفسهما» (٤) ويحذف البدل فى مثل ظننت ذاك ، فقد جعل ذاك مفعولا مطلقا على تقدير ظننت ذاك الظن (٥). ويحذف المضاف ويحلّ المضاف إليه محله فى مثل (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) أى أهل القرية. ويخيل لمن يتابع سيبويه أن ليس فى اللغة معمول لا يحذف ، وحتى الجملة تحذف ، ويطّرد ذلك إذا اجتمع الجزاء والقسم فى مثل لئن فعلت ذلك لأكافئنك ، فقد حذف جواب إن لدلالة جواب القسم عليه (٦). وكان يقدر جواب الشرط محذوفا فى مثل إن قام زيد أقوم ويقول إن الفعل المضارع مؤخر فى هذا المثال من تقديم وأن الأصل أقوم إن قام زيد ، وحذف الجواب لدلالة أقوم عليه (٧)
وأكثر سيبويه من تحليله للعبارات حتى تتجه مع ما يراه لألفاظها من إعراب ، من ذلك أن نراه يعرب المصدر حالا إذا اتجه ذلك فى مثل «ذهب به مشيا» أى ماشيا ، واشترط لذلك أن لا تدخله الألف واللام إلا ما جاء سماعا مثل أرسلها
__________________
(١) الكتاب ١ / ٣٥٤.
(٢) الكتاب ١ / ٣٥.
(٣) الكتاب ١ / ٣٧٦.
(٤) الكتاب ١ / ٢٤٧.
(٥) الكتاب ١ / ١٨.
(٦) الكتاب ١ / ٤٤٤.
(٧) الكتاب ١ / ٤٣٦.