وكأنه يرى نقصا فى قياس الحجازيين لها على ليس إذ لا يكفى أن تكون بمعناها ، بل لا بد لما يعمل الرفع والنصب متواليين أن يكون فعلا يصح الإضمار فيه. ويقيس حذف الجزء الثانى من أربعة عشر ومعد يكرب فى الترخيم على حذفه فى النسب ، ويقول بل هو الأجدر أن يحذف فى الترخيم ، إذ يحذف فيه ما لا يحذف فى النسب ، فإنك تنسب إلى جعفر جعفرىّ ، وإذا رخمته ، حذفت الياء والراء فقلت يا جعف. (١) ويقيس فى باب الاشتغال حروف الاستفهام على حروف الجزاء ، ويقيس عليها حروف النفى. وجعل الأمر والنهى فى هذا الباب يضارعان حروف الجزاء أيضا ، مع أنهما لا يكونان إلا بفعل (٢). ويقيس المصدر على الفعل فى عمله ومعناه (٣) ، كما يقيس على المصدر ما جرى من الأسماء والصفات مجراه مثل جندلا ، وهنيئا مريئا (٤). ويقيس المكان المختص على المكان غير المختص فى نصبه سماعا مثل هو منى منزلة الشغاف ومناط الثريا (٥). ويقيس البدل على التوكيد فى إعرابه إعراب متبوعه (٦). ويقيس التمييز بعد نعم فى مثل نعم رجلا عبد الله على قولك حسبك به رجلا عبد الله ، سواء فى عمل ما قبله فيه أو فى المعنى لأنهما جميعا ثناء فى استيجابهما المنزلة الرفيعة ، ولانهم إنما بدأوا فيهما بالإضمار على شريطة التفسير. وقد جمع بين حسبك به رجلا وويحه رجلا ولله دره رجلا ، فجميعها يوضح التمييز فيها جهة التعجب ، وقاس على ويحه رجلا قولهم «ربّه رجلا» فكل هذه العبارات تفسير لإضمار سابق (٧).
والصرف عنده كله أقيسة ، وقد أظهر فى حصر أبنية الأفعال والأسماء المجردة والمزيدة وما يقابلها من التفاعيل ذكاء منقطع النظير وخاصة أبنية الأسماء ، إذ أورد لها ثلاثمائة مثال (تفعيلة) وثمانية (٨). وهو فى كل مثال يبحث عن نظائره فى اللغة ، فإن لم يجد لكلمة مثالا أو تفعيلة ردّها إلى مثال آخر قاسها عليه ، من ذلك كلمة عزويت أى قصير ، فإنه لم يجد لها فى اللغة نظيرا فى صيغتها ،
__________________
(١) الكتاب ١ / ٣٤٢.
(٢) الكتاب ١ / ٧٢.
(٣) الكتاب ١ / ٩٧.
(٤) الكتاب ١ / ١٥٨ ، ١٥٩.
(٥) الكتاب ١ / ٢٠٥.
(٦) الكتاب ١ / ٧٩.
(٧) الكتاب ١ / ٢٩٩ وما بعدها.
(٨) المزهر للسيوطى (طبعة عيسى البابى الحلبى) ٢ / ٤.